Semangat Revolusi dan Revolusi Perancis
روح الثورات والثورة الفرنسية
Genre-genre
استمرت تلك الهجرة طويلا، وقد خسرت فرنسة من أجلها أربعمئة ألف رجل كريم أصغوا إلى نداء ضمائرهم أكثر مما إلى مصالحهم الذاتية. (6) نتائج الثورات الدينية
لم تكن الثورات الدينية كلها سيئة مثل ثورة الإصلاح الديني، بل كان تأثير الكثير منها في تقويم الناس وتهذيب نفوسهم عظيما جدا. فهي بمنحها الشعب وحدة أدبية تزيد قوته المادية كثيرا، وقد شوهد ذلك لما حول محمد - بما جاء به من الإيمان - قبائل العرب الضعيفة إلى أمة عزيزة.
ولا يقتصر المعتقد الديني الجديد على جعل الأمة متجانسة، بل يأتي بما يتعذر على أي فيلسوف أو قانون أن يأتي بمثله، أي إنه يغير عواطف الأمة الثابتة.
وقد لوحظ ذلك وقتما قضت أكبر ثورة تاريخية على الوثنية وأقامت مقامها عبادة إله جاء من سهول بلاد الجليل، فقد دعا هذا الدين الجديد الناس إلى العدول عن كل نعيم في هذه الحياة؛ ليكونوا خالدين في ملكوت السموات، وهذا الدين الذي أقبل عليه الأرقاء والبائسون والمحرومون طيب العيش أيما إقبال؛ لوعده إياهم نعيما دائما بدلا من حياة لا أمل فيها، قد هان أمره على الأغنياء أيضا، وهذا يثبت لنا ما للإيمان الجديد من السلطان على النفوس.
لم تقتصر الثورة النصرانية على تحويل العادات، بل أثرت تأثيرا كبيرا في سير الحضارة مدة ألفي سنة، فمتى يتم النصر لمعتقد ديني تلائمه عناصر الحضارة ملاءمة تتحول بها، ولا يفعل الكتاب ورجال الأدب والفن والفلاسفة وقتئذ غير الإشارة إلى ذلك المعتقد الجديد في تآليفهم.
وعندما ينتصر الإيمان سواء أدينيا كان أم سياسيا لا يؤثر فيه العقل، وإنما يجد هذا العقل مسوغات يزكيه بها، وربما كان أيام ملك خطباء ولاهوتيون كثيرون يثبتون ما في القرابين البشرية من الفوائد كعدد من ظهر في الأزمنة الأخرى من الخطباء وعلماء اللاهوت الذين مجدوا محاكم التفتيش وملحمة سان بارتلمي ومذابح دور العهد.
ولا تعرف الأمم ذات المعتقدات القوية شيئا من التسامح، فالأمم المشركة هي التي كانت متسامحة في القرون القديمة، والأمم المتسامحة في القرون الأخيرة هي التي يمكن نعتها بأمم ذات أرباب كثيرين، فهي، مثل الإنكليز والأمريكان، مفترقة على فرق دينية كثيرة وتعبد آلهة مختلفة بأسماء واحدة، غير أن تعدد المعتقدات الذي يجعلها متسامحة يضعفها في نهاية الأمر، وهنا نرى أنفسنا إزاء معضلة نفسية لم تحل حتى الآن، وهي: حيازة معتقد قوي ومتسامح معا.
ظهر لنا من البيان الوجيز السابق ما للثورات الدينية من الشأن الأعظم وما للمعتقدات من السلطان الأكبر، فهي التي تقود التاريخ على الرغم من قيمتها العقلية القليلة، وهي التي تقي الأمم من أن تكون أشخاصا ضعفاء لا تربطهم رابطة، وقد احتاج الإنسان إليها في كل عصر ليوجه أفكاره نحو مطلب، وما استطاعت أية فلسفة أن تقوم مقامها حتى الآن.
الفصل الثالث
شأن الحكومات في الثورات
Halaman tidak diketahui