377

Rocambole

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

Genre-genre

وقال له الكونت: إنك تستغيث فلا يغيثك أحد، وتطلب الإشفاق عليك فلا تجد مشفقا؛ لأنك لم تشفق على أحد، فاستسلم للموت فسينفذ فيك قضاء الله. وعلم أندريا أنه مقضي عليه، فجعل يستعطف ويقول: رحماكم.

فقالت له باكارا وهي تبتسم ابتسام المتهكم: ألعلك كنت رحمتني لو وقعت في قبضتك؟

فهاج الحقد بصدر أندريا حتى أنساه موقفه الحاضر وقال: كلا. - أما أنا فلو كنت أسأت إلي وحدي لكنت صفحت عنك، غير أن الذين أسأت إليهم كثيرون.

فلمعت عيناه ببارق من الأمل وعاد إلى التوسل والاستعطاف.

غير أن أمله لم يطل فإن باكارا قالت: لست أنا التي أحكم عليك الآن، بل الكونت أرتوف، بل جميع أولئك الذين أسأت إليهم، فانظر.

وحين قالت هذا القول أزيح الستار عن باب الغرفة، فارتعش أندريا حيث إنه رأى على مقعد طويل المركيز فان هوب، وعلى يمينه الكونت مايلي، وعلى يساره فرناند روشي، ووراءهما ليون ورولاند والفيروزة التي جنت وهي تضحك وتبكي في حين واحد، وبالقرب منها الفتاة اليهودية.

فلما رأى أندريا هذا المنظر الهائل صاح يقول: رحماكم!

نظرت باكارا إليه وقالت: هم أولاء الذين أسأت إليهم قد أصبحوا قضاتك الآن. ثم نظرت إليهم جميعهم وقالت لهم: من أراد منكم أن يعفو عن هذا الأثيم فليرفع يده؟ فلم يرفع يده بينهم غير الفتاة اليهودية. فقالت باكارا: انظر إلى هذه الفتاة التى أردت أن تدنسها، فإنها وحدها التي صفحت عنك، ولذلك فإنك لا تموت، ولكنك إذا سلمت من الموت فلا تسلم من العذاب.

وعند ذلك تولى الكلام عنها الكونت أرتوف فقال: نحن الآن في البحر، وصاحب هذه السفينة حاكم فيها تطيعه النوتية كما تطيع الجنود قوادها، وأنت أيها الخائن قد اخترعت لنفسك العقاب، فستفذف بك هذه السفينة إلى أحد شواطئ جزيرة المركيز، فتلقى من توحش قبائلها جزاء ما جنته يداك، غير أنه لما كنت قادرا على الشر بحيث يخشى لفرط دهائك أن تفلت من السفينة وتعود إلى أوروبا، ثم لما كان الأفعى ينزعون أسنانها حين يخشون نفث سمها القاتل، فقد رأيت أن أنزع منك تلك القوة كي لا يكون لك بعد ذلك سبيل إلى الشر. ثم تكلم كلاما باللغة الروسية، فدخل الروسيان اللذان عرفهما القراء في حادثة روكامبول حين ألقياه في النهر، وكان أحدهما يحمل غدارة محشوة والآخر يحمل موسى، فأمرهما الكونت فقبضا على أندريا، ثم تراجع فجلس على المقعد الذي كان يجلس عليه فرناند ورفاقه، فقال الكونت: إنك كنت تغري النساء بجمالك، وتغري رجالك بفصاحة لسانك، فسيشوه هذا الوجه ويقطع هذا اللسان كي تصبح عبرة لبني البشر.

وفيما هو يقول ذلك إذ دخل جون إيرد وقال: أسرعوا فلقد أقبلوا!

Halaman tidak diketahui