365

Rocambole

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

Genre-genre

وقد خطر لروكامبول خاطر غريب يخطر لهؤلاء اللصوص عند الشدة، ونظر إلى الكونت أرتوف وقال له: ألعلك تريد قتلي غرقا؟ - إن نهر المارن بعيد الغور، ولا بد أن تكون قتلت في حياتك الأثيمة بعض الأبرياء مثل هذه القتلة، فاذكر اسم وريثك.

فقال روكامبول: إني لا أتدانى إلى طلب العفو منك، ولا أريد أن يكون وريثي غير الصدفة. - ماذا تريد بالصدفة؟ - إنك ستلقي بي إلى المياه، أليس كذلك؟ - نعم، وستلقى إليها حيا ضمن هذا الكيس، بعد أن تسد عليك منافذه. - ميتة شرقية، ولكن نهر المارن ليس له عمق البوسفور، أريد بذلك أن جثتي قد يعثر بها أحد الصيادين؟ - وبعد ذلك؟ - ومتى عثر الصياد بجثتي فهو لا بد أن يبحث في جيوبي فيرى فيها الحوالة التي أعطيتني إياها على بنك روتشيلد، فيقبضها ويكون وريثي. - إنه فكر حسن وليكن ما تريد، ثم جعل يحادث الخادمين باللغة الروسية، ونسي روكامبول المال وجعل يفتكر بذلك الخاطر الذي خطر له، وأمل فيه النجاة ولم يخش إلا أمرا واحدا، وهو أن يقيدوه قبل وضعه في الكيس.

ولما فرغ الكونت من حديثه مع الخادمين نظر إلى روكامبول قائلا: يعجبني منك ما تظهره من عدم الاكتراث للموت، مما يدل على بسالتك، ومن له مثل هذا الصبر على الخطوب فلا بد من مراعاته بعض المراعاة في مثل هذه المواقف.

فقال له بلهجة الساخر: أشكرك لكرم أخلاقك.

فقال الكونت: جرت العادة بإغراق المجرمين أن يقيدوا أيديهم وأرجلهم، ومنهم من يدعونهم مطلقي الأيدي، إذا طلبوا ذلك وأريد مراعاتهم، فمن أي فريق أنت؟ - من الفريق الثاني. - إذن تدخل الكيس من تلقاء نفسك دون أن يمسكه أحد.

وتمكن روكامبول من إخفاء فرحه وقال: نعم.

وعند ذلك كلم الكونت الخادمين باللغة الروسية، فتركا الكيس في الأرض وابتعدا عنه.

وحاول روكامبول أن يزج نفسه فيه، فسأله الكونت: ألا تؤمن بالله؟ ألا تصلي قبل الموت؟ - نعم، لقد أصبت. ثم ركع وجعل يتمتم هنيهة ونهض، فسلم سلام الأبطال القدماء ودخل في الكيس، وأشار الكونت إلى الخادمين وربطوا الكيس من فوق رأسه رباطا وثيقا، وذهب أحدهما إلى النافذة المطلة على النهر وفتح مصراعيها، وحمل الثاني روكامبول ضمن الكيس وألقاه من النافذة، فشق عباب الماء وكان له دوي شديد.

أما الكونت فإنه أمر الخادم أن يقفل النافذة فأقفلها، ثم أمره أن يفتح الباب ففتحه ودخلت منه باكارا، ولما علمت أنه ألقاه في النهر قالت له بصوت المؤنب: أعصيتني وقتلته؟ - نعم، فإذا كان قد مات فلقد عاش بموته كثيرون.

60

Halaman tidak diketahui