Rocambole
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
Genre-genre
ذهبت يوما إلى مدريد فنزلت ببيت رجل يهودي كان يتاجر بالجلد، وقد كان أصل هذا اليهودي فرنسيا هاجر وطنه سنة 1789.
وعندما جعلت سكني في منزله كان مريضا، فاتفق بعد وصولي إليه بيومين أن اشتدت عليه وطأة المرض إلى أن بلغت حدا خشي عليه فيه الموت، ولم يكن يعوله في مرضه غير خادم واحد، فدعا بي إليه يوما عند منتصف الليل، وقد أعياه الداء وبرحت به الآلام.
فهرعت إليه، وجعلت أعينه وأعزيه على مصابه، وهو ينظر إلي نظرة الباهت، إلى أن سألني: ما اسمك؟ - كيرمور دي كيرماروت.
فرجع إليه صوابه عند ذكر اسمي، وخرج بلهجة الفرح والاستغراب يقول: أنت تدعى كيرماروت؟ - نعم.
فرفع يديه إلى السماء، ثم شكر الله وقال: أعطني أدوات الكتابة.
فأحضرت له ما طلب، فكتب بيد ترتجف:
إني أعترف أن كيرمور دي كيرماروت هو وريثي الوحيد دون سواه.
ثم أمضى هذه الوصية وبعد عشر دقائق أسلم الروح.
وقد وجدت بعد موته رسالة بين أوراقه تبين السبب في إعطائي ثروته؛ ذلك أن جدي البارون كيرماروت كان قد أودع في زمن المهاجرة 200 ألف فرنك عند هذا اليهودي، ثم توفي ولم يعلم أين كانت وفاته، وسافر اليهودي إلى إسبانيا فتاجر بمال جدي المودع عنده، وكثرت أرباحه، واتسعت ثروته بفضل ذلك، فرده إلي اثني عشر مليونا، وكنت في الثلاثين من عمري عندما وصلت إلي تلك الثروة الواسعة، فلم تدفعني عوامل الثبات إلى التنعم بها، بل عادت إلي تذكارات تلك الليلة الهائلة، وأصبح تمثال تريزا ممثلا نصب عيني، فأخذت أطوف البلاد باحثا عنها، فلم ألق إلا الخيبة، ولم أظفر بغير الفشل، وقد أدت بي خاتمة المطاف إلى باريس، فاشتريت هذا المنزل الذي أنا فيه فأصابني الله بداء عضال لم تنجح فيه حيلة الأطباء، وسيقضى علي بعد ساعات معدودة.
واليوم عرفت نهاية أجلي من الطبيب على ما أخبرتك، فتمثلت لعيني تلك الابنة المسكينة التي دنستها بنزقي، وحدثتني نفسي أنها لا تزال بقيد الحياة، وقد علمت أنك رجل كثير الخير والإحسان، وأن لديك عمالا وأعوانا يشاركونك في البحث عن التعساء ومساعدة أولي البأساء ومجازاة الأشقياء، فقلت في نفسي إنك الوحيد الذي يجدها ويسلمها تلك الثروة.
Halaman tidak diketahui