النهار] (١٨٢) -أبى (١٨٣) حسان أن يقاتلهم بالليل، فوقف كل قوم على مصافهم، فلما أصبحوا زحف بعضهم إلى بعض، فاقتتلوا قتالا شديدا، فعظم البلاء، وظن المسلمون أنه الفناء، وانهزم حسان بعد بلاء عظيم، وقتل من العرب خلق كثير، فسمى ذلك النهر «نهر البلاء» (١٨٤). فاتبعته الكاهنة بمن معها، حتى خرج من حد «قابس» فأسلم إفريقية ومضى على وجهه، وأسرت من أصحابه ثمانية رجال، وقيل ثمانين رجلا، منهم خالد بن يزيد العبسي (١٨٥)، /وكان رجلا مذكورا.
فلما فصل من قابس كتب إلى أمير المؤمنين يخبره الخبر بما نزل بالمسلمين من الكاهنة، وأقبل يرفق في سيره طمعا فيمن نجا من أصحابه [أن يلحقوا به] (١٨٦)، إلى أن بلغ [أنطابلس] (١٨٧)، ثم إن أمير المؤمنين [عبد الملك بن مروان] كتب إليه: «إنه قد بلغني أمرك وما لقيت وما لقي المسلمون، فانظر حيث لقيت كتابي هذا، فأقم ولا تبرح حتى يأتيك أمري»، فلقيه الكتاب وهو نازل بمكان يقال له اليوم «قصور حسان» فبنى هنالك قصرا لنفسه، وأقام بذلك الموضع هو ومن معه ثلاث سنين، وملكت الكاهنة إفريقية كلها.