فجاء، فقالت له: «لم رددت علينا هديتنا، لعلك استقللتها؟» ثم قالت له: «إن سيدي أمرني أن أتخذك ولدا، لأنفعك» فقال لها: «فمن أين هذا الذي بعثت به؟» فقالت له: «أكلّم سيدي في الرجل فيعقد له الولاية، فيرسل إلي بالرأس والرأسين»، قال: فقال لها خالد: «بخ! خالد بن [أبي] (٢٠) عمران يغزو فلا يدركه في سهمه (٢٢) إلا كذا وكذا-بشيء يسير سماه-وأنتم تأتيكم الدنيا هكذا؟»، ثم أفرغ عليها المواعظ، فوعظها. قال: فجاء موسى بن نصير فدخل عليها فلم تأخذ له أهبة. فقال لها موسى: «لعل خالد بن أبي عمران دخل عليك؟» فقالت: «نعم» فقال: «إن الحق ما قاله لك، فاقبليه (٢٣)».
وعن حيوة: أن خالدا بن أبي عمران كان له جيران، وكانوا مخلطين، فاستأذن عليهم يوما، وضرب عليهم الباب، فغيبوا ما كان بين أيديهم وأخفوه. فدخل منزلهم، فجلس في قبلة البيت ثم قال لهم: «يا بنيّ، كم بين قرية فلانة إلى قرية فلانة؟» فقالوا: «يغدو الرجل من فلانة ويقيل بفلانة» قال: «فإن قصر؟» قالوا:
«يروح من فلانة ويبيت بفلانة»، فقال لهم: «فإذا ترك الغدو والرواح؟» قالوا:
«فبعيد عليه أن يبلغ» فقال لهم: «يا بني أخي! تؤملون التوبة وأنتم مقيمون على المعصية؟»، ثم أقبل عليهم بالمواعظ، فوعظهم حتى تابوا وحسن حالهم.
موعظة: وعن (٢٤) عبد الملك بن أبي كريمة، قال: «صحبت خالدا ابن أبي عمران وأنا صغير، ومشيت خلفه وأنا بقرطاجنة فسكت وسكتّ؛ ثم التفت إلي وقال: «يا بني، إن للصحبة أمانة ولها خيانة، وإني أذكر الله ﷿ [في السر] (٢٥)، فاذكره».
دعاء: وقال حيوة: «اجتمعنا مع خالد بن [أبي] (٢٦) عمران في مجلس، قال فدعا الله تعالى وأمنا ثم قرأ سجدة، فسجد وسجدنا معه، فقال: «اللهم إن كنت
(٢٢) في المطبوعة: فلا يدرك سهمه.
(٢٣) في المطبوعة: فافعليه. وأثبتنا ما في الأصل.
(٢٤) النصّ في طبقات أبي العرب ص ٢٤٦.
(٢٥) زيادة من رواية الطبقات.
(٢٦) زيادة من صدر الترجمة والمصادر.