Riwaya Lam Tuktab Bacd
فرجينيا وولف … رواية لم تكتب بعد
Genre-genre
التي تخطت الخمسين بعامين، تعد الترتيبات من أجل حفل تكريم يقام على شرف حبيبها القديم ريتشارد؛ الشاعر الذي فاز بجائزة أدبية كبرى، والذي ينتظره موت بطيء إثر إصابته ب «الإيدز!» وعلى الجانب الثالث، في لوس أنجلوس عام 1951م، «لورا براون»،
58
ربة البيت التي تنتظر طفلا، تشعر باضطراب وإحباط غير مبررين. يتملكها إحساس عدمي ويائس كلما حاولت أن تجد مبررا لوجودها خارج دور الأم والزوجة، سوى أنها مع هذا، تفعل ما في وسعها من أجل الترتيب لعيد ميلاد زوجها، لكنها لا تستطيع التوقف عن متابعة قراءة رواية «مسز دالواي» لفرجينيا وولف.
لقطات سريعة خاطفة لحياتي هاتين المرأتين وخط عريض وأساسي يتقاطع معهما يمس حياة وولف ذاتها فتتشكل شبكة درامية واحدة تجدل حيوات تلك السيدات الثلاث بخيوط تتقاطع مع رواية «مسز دالواي» من ناحية، ومن ناحية أخرى اشتراكهن في البحث عن «لحظات الوجود» الحقيقية، تلك اللحظات الثمينة التي يحاول فيها المرء أن يقبض على شيء من التحقق أو يجد مبررا مقبولا لحياته. حول ذلك المعنى يقول كننجام في روايته على لسان كلاريسا: «من هدايا الحياة الصغيرة لنا ساعة هنا أو ساعة هناك، حين تحنو الحياة فجأة - برغم كل العقبات والتوقعات - لتتفتح طاقة نور وتمنحنا كل الأشياء التي حلمنا بها طويلا.»
فيما يتجول كننجام بين النساء الثلاث، عبر انتقالات ناعمة غير مفتعلة، تلتقط وولف، في نهاية الفصل الأول، قلمها لتخط جملتها الأولى في الرواية: «قالت السيدة دالواي إنها سوف تشتري الورود بنفسها.»
Mrs. Dalloway said she would buy the flowers herself.
في بداية الفصل الثاني (نفس لحظة كتابة الجملة السابقة)، تمر عين «لورا» على هذا السطر تحديدا، فتبدو سيماء الابتهاج على وجهها، ربما لفكرة الورود وربما لكونها موشكة على حال استغراق وشيك مع رواية بقلم فرجينيا وولف التي تعشق كتابتها.
على الجانب الآخر، يصبح يوم كلاريسا (ابنة الزمن الحالي) انعكاسا مرآويا ليوم السيدة دالواي (بطلة رواية وولف وابنة أوائل القرن الماضي)، مع مسحة تحديثية تناسب زمن الألفية الثالثة (وتلك هي اللعبة الخطرة التي لعبها المؤلف من تعديل زمن رواية وولف وما يستتبعه هذا التعديل الزمني من تغييرات في الأحداث التي أساءت في بعض الأحيان إلى رواية وولف «مسز دالواي» إلى حد ما من وجهة نظر بعض النقاد)، ولكن يبدو أن المؤلف أراد أن يخرج من أسر زمن وولف ليفتح مجال الإلهام على مصراعيه ويفيد من تقنيات العصر الحديث، وكذا ليخلق ثراء دراميا على خط الزمن.
كلاريسا تعلم أن رغبتها القوية في منح صديقها القديم (المصاب بالإيدز في رواية «الساعات» والمصاب بصدمة القذيفة من الحرب العالمية حسب رواية وولف «مسز دالواي») حفلا رائعا ومتقنا كي يرفع من روحه المعنوية أمر سوف يبدو مبتذلا وغير مقبول بالنسبة للجميع. رغم ذلك فقد كانت موقنة أن ذاك الحفل ضرورة نفسية ووجودية ربما تسد ثغرة في باب اليأس المشرع على مصراعيه أمام الشاعر الذي ينتظر نهايته الوشيكة. غير أنه سيرفض حضور الحفل حين تذهب لدعوته قائلا: «... لكن سيظل علي مواجهة الساعات؛ الساعات التي ستعقب الحفل.» ثم يباغتها ويقفز من الشرفة. ليغدو الانتحار هو الخط الرئيسي في الرواية منذ المشهد الأول.
أحسن المؤلف توظيف تيمات فكر وولف التي تجلت في روايتها السيدة دالواي، وكذلك في مقالة «غرفة تخص المرء» ليصنع حبكة محكمة من التوازيات الزمنية والبشرية.
Halaman tidak diketahui