ولم أتبع الشاعر في شفقته، ولا اختصرت شيئا من العناق عملا بطريقته، وذكرت قصر ليل الوصال، فأخذت في الحنين والأعوال.
وقد أطال الشعراء في وأجادوا فيما قصدوه منه ما أرادوا، وأنا أورد منه ما يليق بهذا المختصر، واذكر منه ما حضر، وقد يستدل على الشجرة بالوحدة من الثمر، قال بعضهم من المنسرح
يا ليلة كاد من تقاصرها ... يعثر فيها العشاء بالسحر
تطول في هجرنا وتقصر في الوصل فما نلتقي على قدر
وقال سيدوك من البسيط
عهدي بهم ورداء الوصل يجمعنا ... والليل أطوله كاللمح بالبصر
فاليوم ليلي وقد بانوا فديتهم ... ليل الضرير فصبحي غير منتظر
وقال آخر من البسيط.
الليل إن هجرت كالليل إن وصلت ... أشكو من الطول ما شكو من القصر
وقال ابن التعاويذي: من الكامل
وأطلتم ليلي وكم من ليلة ... ذهبت بوصلكم كظل الطائر
وقال آخر، من الكامل
كل الليالي المضيات خلاعة ... تفدي نعيمك يا ليالي حاجر
ما كنت في اللذات إلا خلسة ... سمحت بها الأيام سمحة غادر
فحين بلغت إلى هذا المقام، وأتيت بما أتيت من النشر والنظام، رعدت راعدة، أيقظتني من المنام، فانتبهت ولا محبوبة، ولا مدام، ولا آس ولا خزام، فعجبت من قوة الخيال، واستمرار هذا المحال، وأنا أستغفر الله من التجوز في المقال، وتحقيق هذه الحال، والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله خير آل، كتبها ياقوت بن عبد الله بمدينة السلام، في العشر الأول من شعبان سنة أربع وسبعين وستمائة هجرية حامدا الله تعالى على نعمه ومصليا على نبيه محمد وآله الطيبين الطاهرين ومسلما تسليما كثيرا.
1 / 19