ثم لم يقتصر سبحانه على ذلك حتى ضم إليه قوله تعالى ﴿وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ فذكر الفعل مؤكدًا بمصدره القائم مقام ذكره مرتين. وهو التسليم والخضوع له والإنقياد لما حكم به طوعا ورضًا، وتسليما لا قهرًا ومصابرة، كما يسلم المقهور لمن قهره كرهًا، بل تسليم عبد مطيع لمولاه وسيده الذي هو أحب شئ إليه، يعلم أن سعادته وفلاحه في تسليمه إليه ويعلم بإنه أولى به من نفسه وابر به منها واقدر على تخليصها. فمتى علم العبد هذا من رسول الله ﷺ واستسلم له، وسلم إليه، انقادت له كل علة في قلبه ورأى أن لا سعادة له إلا بهذا التسليم والإنقياد.
وليس هذا مما يحصل معناه بالعبارة بل هو أمر انشق القلب واستقر في سويدائه لا تفي العبارة بمعناه، ولا مطمع في حصوله بالدعوى والأماني.
وكل يدعى وصلا لليلى ... وليلى لا تقر لهم بذاك
الحب بين العلم والحال
وفرق بين علم الحب وحال الحب. فكثيرًا ما بشتبه على العبد علم الشيء بحاله ووجوده، وفرق بين المريض العارف بالصحة والاعتدال وهو مثخن بالمرض، وبين الصحيح السليم، وإن لم يحسن وصف الصحة والعبارة عنها. وكذلك فرق بين وصف الخوف والعلم به وبين حاله ووجوده.
1 / 26