Risalah Kepada Penduduk Thughr
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
Penyiasat
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
Penerbit
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
Nombor Edisi
١٤١٣هـ
Lokasi Penerbit
المملكة العربية السعودية
Genre-genre
Akidah dan Kepercayaan
قادرًا على ذلك) ١، فإن كان واحد منهما قادرًا على فعل ما يقدر عليه الآخر بدلًا منه لم يصح أن يفعل كل واحد منهما ما يقدر عليه الآخر إلا بترك الآخر له، وإذا كان كل واحد منهما لا يفعل إلا بترك الآخر له جاز أن يمنع كل واحد منهما صاحبه من ذلك، ومن يجوز٢ أن يُمنع ولا يفعل إلا بترك غيره له فهو مدبَّر عاجز، وإن كان كل واحد منهما لا يقدر فعل مثل مقدور الآخر بدلًا منه وجب عجزهما وحدوث قدرتهما، والعاجز لا يكون إلهًا ولا ربًا٣.
_________
١ لعل ما بين المعقوفتين كتب خطأ من الناسخ، والكلام مستقيم بدونه، وهو هكذا في (ت) وما بين الحاصرتين المزدوجتين منها، والجملة كلها ليست موجودة في نسخة ابن تيمية.
٢ في (ت) "ومتى يجوز".
٣ في هذه الصفحة وما سبقها يسوق الأشعري الدليل على وحدانية الله ﷾ من خلال الآية الكريمة: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾، إلا أنه ﵀ سلك طريقة المتكلمين في ذلك، وإن كانت طريقة صحيحة مفضية إلى المطلوب إلا أنها ليست المقصودة من الآية، والاستدلال بها في هذا الموطن غير سليم، بل هو مناف للفهم السلفي الدقيق؛ وذلك أن المتكلمين ذهبوا إلى أن الله واحد. بمعنى: عدم مشاركة الغير له في الألوهية، ويقول ابن تيمية: "إن المتقدمين منهم اعتمدوا دليل التمانع، وظنوا أنه هو الدليل المذكور في قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ مع أن الأمر ليس كذلك" (انظر: منهاج السنة ٢/٨١) .
ويرى "ابن تيمية" أن المقصود من الآية بيان امتناع الألوهية من جهة الفساد الناشئ عن عبادة ما سوى الله تعالى؛ لأنه لا صلاح للخلق إلا بالمعبود المراد لذاته من جهة غاية أفعالهم ونهاية حركاتهم، وما سوى الله تعالى لا يصلح أن يكون معبودًا، فلو كان فيهما معبود غيره لفسدتا من هذه الجهة فإنه سبحانه هو المعبود المحبوب لذاته، كما أنه هو الرب الخالق بمشيئته وهذا هو معنى قول النبي ﷺ أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل
ويوضح الدكتور "محمد خليل الهراس" وجهة نظر ابن تيمية فيقول: "فالآية في نظر "ابن تيمية" ليس المقصود منها تقرير توحيد الربوبية وبيان أنه سبحانه الخالق لكل شيء، فإن هذا النوع من التوحيد كان يعرفه المشركون من العرب وغيرهم في نظر "ابن تيمية" ثم يقول: "ولكن المقصود منها هو تقرير التوحيد في الألوهية بمعنى بيان امتناع وجود إله يستحق العبادة مع الله، وهو متضمن أيضًا لتوحيد الربوبية، والحاصل أن ابن تيمية يرى أن برهان التمنانع الذي ذهب إليه نظار المتكلمين كاف في إثبات امتناع صدور العالم عن اثنين الذي هو توحيد الربوبية، ولكنه قاصر عن توحيد الألوهية، والقرآن إنما جاء بتقرير النوعين معًا". (انظر: كتابه ابن تيمية السلفي ص٨٨) .
ومما تجدر الإشارة إليه هنا: أن "ابن تيمية" لم يبطل طريقة المتكلمين التي ذكرها الأشعري، وإنما أشار إلى أنها ليست طريقة القرآن وإن كانت طريقة عقلية صحيحة، وطريقته في ذلك هي تقرير توحيد الألوهية المتضمن لتوحيد الربوبية، ويذكر ابن تيمية أن أعظم دليل جاء في ذلك هو قول الله جل ذكره: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ (المؤمنون/ ٩١) فهذه الآية ذكر فيها برهانين يقينين على امتناع أن يكون مع الله إله آخر بقوله: ﴿إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾، وقد عرف أنه لم يذهب كل إله بما خلق، ولا علا بعضهم على بعض.
ويستمر "ابن تيمية" في الكلام على هذه الآية مبينًا أن توحيد الله وعبادته أمر هام جدًا دعا إليه القرآن ووضحه الرسول توضيحًا شافيًا؛ لأن الحاجة تدعو إليه، وخاصة أن مشركي قريش كانوا يعترفون بتوحيد الربوبية. (انظر: منهاج السنة ٢/٨٤- ٩٠) .
وهذا التحليل الذي عرضه "ابن تيمية" لهذه القضية يدل على أنه ﵀ كان صاحب فهم دقيق عميق بكتاب الله جل ذكره.
ولقد أشاد بهذا الفهم الدكتور "محمد خليل الهراس" فعقب على كلام ابن تيمية بقوله: "ومن الحق أن نقرر أننا لم نجد من سبق "ابن تيمية" إلى تفسير تلك الآية، وتقرير ما فيها من الأدلة على التوحيد على هذا النحو من البسط والبيان". (انظر: كتابه ابن تيمية السلفي ص٩١)، وانظر: شرح وتعليق "ابن القيم" على هذه الآية في مختصر الصواعق ١/٩٥) .
ولقد تعرض الأشعري أيضًا في اللمع لهذه المسألة، واستدل بالآية نفسها، وكلامه هناك يشبه تمامًا ما في رسائل الثغر التي معنا، بل هناك تعبيرات تكاد تكون واحدة، وهذا مما يقطع بثبوت الرسالة له بلا نزاع. (انظر: اللمع ٢٠/٢١) .
1 / 90