Risalah Kepada Penduduk Thughr
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
Penyiasat
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
Penerbit
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
Nombor Edisi
١٤١٣هـ
Lokasi Penerbit
المملكة العربية السعودية
Genre-genre
Akidah dan Kepercayaan
صنم يعتكف عليه، ويزعم أنّ له ربًا يتقرب بعبادة ذلك الصنم إليه١. لينبههم جميعًا على حدوثهم، ويدعوهم إلى توحيد المحدث لهم٢ ويبين لهم طرق معرفته بما فيهم من آثار صنعته، ويأمرهم برفض كل ما كانوا٣ عليه من سائر الأباطيل.
بعد تنبيهه ﵇ لهم على فسادها٤، ودلالته على صدقه فيما يخبرهم به
_________
١ كان العرب في الجاهلية منغمسون في الوثنية بأبشع صورها وأشكالها، فكان لكل بيت صنم يعبدونه، ويعكفون عليه.
يقول الكلبي في ذلك: "كان لأهل كل دار في مكة صنم في دارهم يعبدونه، فإذا أراد أحدهم السفر كان آخر ما يصنع في منزله أن يتمسح به، وإذا قدم من السفر كان أول ما يصنع إذا دخل منزله أن يتمسح أيضًا" (انظر: كتاب الأصنام ص٣٣) .
والأشعري بكلامه هنا يبين الدافع والسبب الذي أدى بالمشركين إلى عبادة هذه الأصنام والعكوف عليها، وهو: زعمهم أنها تقربهم إلى الله زلفى، فهم كانوا يعرفون أن لهم ربًا وإلهًا، ولكنهم كانوا يتوسلون إليه فقط بهذه الأصنام، فسماهم الله مشركين لاتخاذهم الوسائط والشفعاء، ولقد وقع في هذا بعض المسلمين، فتوسلوا بالأنبياء والصالحين، ولم يكن لهم حجة ولا برهان إلا ما سار فيه أهل الجاهلية السابقون، وصدق الرسول الكريم ﷺ لما قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب اتبعتموهم. قلنا يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ ". الحديث أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام باب ١٤ ج٨/١٥١، ومسلم في كتاب العلم باب ٣ ج٤/٢٠٥٤، وابن ماجه في كتاب الفتن باب ١٧ ج٢/١٣٢٢.
٢ ينص الأشعري على أن النبي ﷺ أرسل إلى الطوائف التي سبق أن أشار إليها في كلامه، وكان على رأس دعوته إليهم العودة بهم إلى ربهم، وإلى توحيده وحده والخضوع له ﷾.
والواقع أن توحيد الله ﷿ هو أساس الديانات كلها فما من رسول بعثه الله إلا وجعل رأس دعوته "التوحيد" واستعرض قصص القرآن كله وخاصة سورتي الأعراف وهود لترى أن كل نبي ابتدأ خطاب قومه بقوله "اعبدوا الله ما لكم من إله غيره".
ولا يفوتني هنا أن أنص على أمرين هامين:
أولهما: أن المراد بتوحيد الله ما نص عليه علماء السلف من توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
ثانيهما: يتحتم على كل داعية إلى الله ﷿ أن يبدأ دعوته بتعليم قومه التوحيد، فإذا علموه انتقل بعد ذلك إلى الشرائع والأحكام، والتوحيد هو الأساس والأصل، وبدونه ينتفي الدين والإيمان، ولا عذر هنا لأحد يظن أو يتوهم أن هذا الأمر فيه تفريق للأمة، وقضاء على وحدتها، فالنجاح الكامل في اتباع منهج النبوة، والله الهادي إلى سواء السبيل.
٣ في الأصل "ما كان" والتصحيح من (ت) وهو الصواب الذي به يستقيم المعنى.
٤ ذكرت سابقًا التعليق على ما سبق أن ذكره الأشعري من حال الناس قبل بعثة النبي ﷺ وما صاروا إليه من فساد وضلال فدعا النبي ﷺ إلى الله على بينة وبصيرة، موضحًا لكل أمة فساد ما هم عليه من الضلال.
فمثلًا في جزيرة العرب دعاهم إلى التوحيد، وبين لهم أن آلهتهم التي يشركونها مع الله لا تملك لنفسها أقل نفع فضلًا عن غيرها، وإليك هذا المثل القرآني الرائع الذي إذا تأملته البشرية كلها خرت لربها ساجدة، وما جعلت له شريكًا في أي لون من ألوان العبادة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ سورة الحج آية ٧٣، ٧٤.
1 / 80