وجمع -سبحانه- بين الصبر واليقين؛ إذ هما (^١) سعادة العبد، وفقدهما يُفقده (^٢) سعادته، فإن القلب تطرقه طوارق الشهوات المُخالفة لأمر الله (^٣)، وطوارق (^٤) الشبهات المخالفة لخبره، فبالصبر يَدفع الشهوات، وباليقين يَدفع (^٥) الشبهات (^٦). فإن الشهوة والشبهة مضادتان للدين من كل وجهٍ، فلا ينجو من عذاب الله (^٧) إلا من (^٨) دفع شهواته بالصبر، وشبهاته باليقين؛ ولهذا أخبر -سبحانه- عن حبوط أعمال أهل الشهوات والشبهات فقال -تعالى-: ﴿كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا﴾ [التوبة: ٦٩]، فهذا (^٩) الاستمتاع بالخلاق هو استمتاعهم بنصيبهم من الشهوات، ثم قال: ﴿وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا﴾، وهذا هو الخوض بالباطل (^١٠) في دين الله وهو خوض أهل الشبهات (^١١). ثم