أحدهم يرحل في طلب حديث لم يكن سمعه من رسول الله ﷺ، المسافات الطويلة، كما فعل جابر ﵁ حين رحل إلى الشام ليسمع حديث عبد الله بن أنيس ﵁، ثم كانت الرحلة في طلب الحديث بعد ذلك سنة متبعة لدى طلبة العلم.
لذا فقد اقتفى أبو نصر السجزي سنن أولئك الأخيار وخرج من سجستان بعد أن سمع بها من ذكرنا، قاصدًا أمهات المدن والأمصار التي كانت آنذاك مراكز علمية يوجد بها الكثير من علماء الحديث، والمعنيين بروايته والاشتغال به.
فرحل إلى غزنة وهي مدينة من أول بلاد الهند، خرج منها جماعة من العلماء في كل فن ١، وكانت رحلته إليها قبل الأربعمائة كما ذكرنا.
ثم دخل نيسابور، فسمع بها أبا عبد الله الحاكم صاحب المستدرك، وأبا يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلبي.
ثم رحل بعد الأربعمائة، فدخل خراسان وحل بأطرافها فترة كما يذكر السمعاني، كما رحل إلى العراق فدخل البصرة وبغداد، وشملت رحلته الشام، ومصر فنزل بها وسمع الكثير.
ثم انتهى به المطاف إلى مكة حرسها الله، حيث دخلها حاجًا سنة ٤٠٤هـ فسمع بها أبا الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي، وجاور بها إلى أن توفي بها سنة ٤٤٤هـ.
_________
١ اللباب ٢/٣٨٠.
1 / 49