الحافظ الكبير (البيهقي) فإنه لما ذكر توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم ولا يحسنون قراءته من كتبهم، ولا يعرفون ما يقرأ عليهم، بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم، وذلك لتدوين الأحاديث في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث، قال: فمن جاء اليوم بحديث واحد لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه أي لأنه لا يجوز أن يذهب على جميعهم، ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته، والحجة قائمة برواية غيره.
وحينئذ (فلقد آل السماع) الآن (لتسلسل السند) أي بقاء سلسلته بحدثنا وأخبرنا، لتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعني الذي لم يقع التبديل في الأمم الماضية إلا بانقطاعه.
قلت: والحاصل أنه لم كان الغرض أولا معرفة التعديل والتجريح، وتفاوت المقامات في الحفظ والإتقان؛ ليتوصل بذلك إلى التصحيح والتحسين والتضعيف حصل التشدد بمجموع تلك الصفات، ولما كان الغرض آخرا الاقتصار في التحصيل على مجرد وجود السلسلة السندية اكتفوا بما ترى.
ولكن ذلك بالنظر إلى الغالب في الموضوعين، وإلا فقد يوجد في كل منهما نمط الآخر، وإن كان التساهل إلى هذا الحد في المتقدمين قليلا.
وقد سبق البيهقي إلى قوله شيخ الحاكم ونحوه عن السلفي، وهو الذي استقر عليه العمل بل حصل التوسع فيه أيضا إلى ما وراء هذا، كقراءة غير الماهر في غير أصل مقابل بحيث كان ذلك وسيلة لإنكار غير واحد من المحدثين فضلا عن غيرهم عليهم. اهـ.
1 / 10