Lelaki yang Saya Kenal
رجال عرفتهم
Genre-genre
تجري المقارنة أحيانا بين الكاتب الصحفي الذي كان يكتب في صحافتنا العربية قبل سبعين أو ثمانين سنة، وبين كاتبنا الصحفي الذي يكتب الآن في صحافتنا، بعد أن بلغت مع الصحافة العالمية آخر أطوارها من وسائل الطباعة والتحرير إلى وسائل الإدارة والتوزيع.
وقد نوجز هذه الفوارق التي يمكن أن تتعدد إلى غير نهاية فنقول: إن الفارق هنا هو الفارق بين «روبنسون كروزو» في جزيرته، وبين رحالة من سياح اليوم ترتسم له طريقه من رقم الكرسي في الطيارة إلى رقم الحجرة في الفندق، إلى أسماء الخطوط الجوية والبحرية في كل مدينة وكل فندق، وكل يوم من أيام الرحلة، منذ «قطع التذكرة» إلى تسليم البطاقة عند باب المطار الأخير، مع سلامة الإياب.
وفارق آخر ربما أوجز لنا تلك الفوارق على نحو آخر من المشابهة: وهو الفارق بين طبيب القرن التاسع عشر وطبيب القرن العشرين.
إن طبيب القرن العشرين يعرف عمله المطلوب من خلال عشرين كشفا وتحليلا وأداة طبية أو كيماوية بين يديه، ويستوحي وصفه للدواء من تحليل الدم وتحليل المواد الجسدية على اختلافها، ومن كشف الأشعة ورسامة القلب وشهادات للأحوال الخاصة والعامة يرجع إليها في سجلاتها إذا شاء.
ولم تكن لطبيب القرن التاسع عشر وسيلة من هذه الوسائل الميسورة اليوم في أكثر العيادات، فربما أعوزته السماعة فلم يعتمد في جس النبض على وسيلة غير الإصغاء بأذنيه، وهو بعد ذلك يعالج العلل جميعا فلا يتخصص لعلة واحدة يستعد منذ عهد المدرسة «لتشخيصها» وتدبير علاجها.
وكتابنا الصحفيون من أعلام القرن التاسع عشر كثيرون.
ولكننا إذا نادينا أسماءهم من الذاكرة، لم يكن منهم من هو أسرع تلبية للنداء العاجل من اسم «علي يوسف» صاحب «المؤيد» أخيرا، وصاحب «الآداب» قبل ذلك.
إن «علي يوسف» كان يصنع «صناعته» الصحفية ليتعلمها الناس منه، ولم يكن يتعلم تلك الصناعة على أساتذتها في الشرق والغرب، ولا على أدواتها التي تمليها عليه.
لم يكن يعرف لغة للصحافة غير العربية، ولم يكن يعرف من العربية غير ما اعتمد في معرفته على نفسه، بل غير ما اعتمد على نفسه قبل ذلك في اختيار أستاذه الذي يراجعها عليه.
وكان يسمع، ولا شك، بالصحافة الأوروبية ويعرف منها بالسماع أكبرها وأشهرها، ولكنه لم يعرف من صحافة الغرب صحيفة واحدة ينهج على منهجها، ولم يكن من غايته ولا طاقته أن يعرف «التيمس» أو «الطان» ليحكي هذه أو تلك في طبعها وتحريرها، ولكنه - هو وأقرانه من كتاب عصره - كانوا يبتدئون في الصحافة طريقا أخرى غير تلك الطريق التي تقدمتهم فيها الصحف الأوروبية: طريقا يستطيعونها وتستدعيهم إليها، وقد تكون الطريق لكل صحفي منهم غير الطرق الأخرى التي يستقيم عليها سائر زملائه.
Halaman tidak diketahui