Lelaki yang Saya Kenal
رجال عرفتهم
Genre-genre
وكل مقالة من مقالات «المؤيد» في السياسة العامة فهي على هذا النمط، مذكرة رسمية لا يأبى السفير أن يوقعها باسمه واسم ولي أمره ورئيس حكومته، فإذا جاوزت هذا الحد إلى شيء من الشدة في التعبير، فغاية خطبها أن تكون بمثابة المقال «الموعز به» إلى لسان حال رسمي من ألسنة الحكومات التي تسمى أحيانا ب «الصحف الشبيهة بالرسمية».
وقد اشتد الشيخ علي يوسف غاية شدته في الحملة على لورد كرومر بعد اعتزاله، أو عزله من منصب المعتمد البريطاني في القاهرة، وكان الشيخ علي حريصا على ترويج الظن الذي شاع في البلد عن نجاح الخديو في مساعيه عند بلاط سان جيمس لعزل كرومر وتعيين رجل من أصدقائه في مكانه، ولكنه كان على حذر شديد من إعلان هذه الدعوى؛ مخافة أن يغضب الدولة البريطانية ويضطرها إلى الأخذ بناصر عميدها المخذول؛ صيانة له من مهانة الشماتة، وصيانة لها من الاعتراف أمام الناس بخذلانها لرجالها وخدام سياستها.
فإذا بالشيخ علي يوسف يخلص من هذا المأزق على أحسن حال من الكياسة والإنصاف، فيتهم كرومر نفسه بأنه فضح حقيقة الموقف بثورته المحنقة في خطاب الوداع، ويسأل: لماذا كل هذا الحنق والرجل لم يفارق قصر الدوبارة على الرغم منه كما يقال؟
وإذا بالشيخ يعترف للعميد المعزول بكل مأثرة من مآثره المدعاة، فلا ينكر عليه حسنة واحدة يعتبر إنكارها على دولته كلها من ورائه.
ثم يعمد الشيخ اللبق إلى الخطبة الكرومرية نفسها، فلا يضيف إليها حرفا من عنده، بل يأخذها بنصوصها للإيقاع بينه وبين المحتفلين بوداعه وبين المتشيعين لسياسته والمسخرين أو المتبرعين بالشهادة لحكمه وحكم أعوانه ومستشاريه.
كان الأمير حسين كامل على رأس المدعوين للاشتراك في حفلة التوديع، فلم يكن تعليق الشيخ علي يوسف نقدا للأمير - عم الخديو - بل كان إبرازا واضحا لإساءة كرومر إليه، مرة بالإنحاء على أبيه إسماعيل ومرة بالسكوت عن الإشارة إليه كأنه من سقط المتاع، وهو حاضر أمام عينيه: «هذا الأمير الجليل الذي والى جناب اللورد بالصداقة زمنا طويلا وخصه باحترامه دائما، وكان له في عهده أعظم أثر في خدمة البلاد معه خدمة حقيقية بأخذه الجمعية الزراعية الخديوية؛ لم ير اللورد أنه خليق بكلمة ثناء يوجهها إليه في جنب ما وجه من عبارات الثناء من الأحياء والأموات.»
ولم يتحدث الشيخ علي عن أحد من المحتفلين باللورد كأنه خصم يحاربه وكأنه صديق اللورد وموضع حظوته، بل كان حديثه عنهم جميعا كأنهم ضحاياه وضحايا سياسته وسوء خلقه في حاضره وماضيه.
قال كرومر عن رياض باشا إنه علق الجرس في عنق الهر، فكان ثناء علي يوسف على رياض باشا أكبر من ثناء اللورد عليه، ولكنه استدرك قائلا إن اللورد: «لم يقل إن رياض باشا لما أراد في زمنه هو أن يعلق الجرس في عنق الهر قطعت يده وحلف اللورد ألا يعود إلى خدمة الحكومة ما دام هو في البلاد، وزاده عقوبة فرفت ابنه من وكالة الداخلية في اليوم التالي من استقالة أبيه، فكان المستبد إسماعيل أخف وطأة على رياض باشا من المستبد كرومر.»
وأثنى كرومر على بطرس غالي باشا ومدحه بسعة الحيلة في حل المشكلات فقال الشيخ علي: «نعم، ولكنها المشكلات التي كان يخلقها اللورد بينه وبين الجناب العالي، وبينه وبين قناصل الدول من جهة أخرى.»
وتساءل الشيخ علي: «لماذا أعرض اللورد عن ذكر بقية الوزراء كأنهم ليسوا نظارا في الحكومة وليس لهم عمل مطلقا فيها؟»
Halaman tidak diketahui