Perjalanan Masa Nubia
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Genre-genre
وبعد هذا الوصف الإجمالي يمكن أن نرى مجموعة من العناصر المتداخلة، تفاعلت في خلق مقومات البيئة العمرانية في النوبة قبل السد العالي، وهذه العناصر هي: (1)
النهر وتغير منسوب المياه بين الفيضان والتحاريق. (2)
بروز الحافات الهضبية في صورة ألسنة وعرة إلى قرب مسار النهر وطغيان الرمال في أجزاء كثيرة من البر الغربي. (3)
السهل الفيضي، امتداده أو تقطعه في جيوب صغيرة. (4)
وأخيرا مصبات الأودية والأخوار.
وقد أدت العمليات التفاعلية لهذه العناصر معا إلى نشأة مناطق يمكن للإنسان إعمارها وأخرى صعبة المنال، لهذا فإن العمران النوبي اتصف بالتركز في نطاقات معينة، وبنحافة عمرانية تصل إلى حد التلاشي في مناطق أخرى (انظر خريطة 6).
أما المناطق كثيرة العمران، فهي تلك التي تظهر فيها التربة الفيضية على منسوب يمكن من زراعتها، سواء بعد الفيضان أو باستخدام أدوات الري بالرفع - العود أو الشادوف والساقية أو الطلمبات - وتتراوح هذه المناطق بين جيوب فيضية صغيرة المساحة أو سهول ذات امتداد معقول، ففي المنطقة الشمالية من النوبة من دابود إلى كلابشة، والمنطقة الوسطى من المضيق إلى كورسكو، تظهر جيوب صغيرة - غالبا عند مصبات الأودية والأخوار - هذه الجيوب تزرع بعد الفيضان، وتزرع مساحات قزمية من أراضيها العالية بالري خلال موسم انخفاض المياه، أما المناطق السهلية الغنية فتتركز في ثلاث مناطق؛ الصغرى منها في المنطقة حول مصب وادي العلاقي وسهل الدكة أمام هذا المصب، أما المنطقة الكبرى فهي تلك الممتدة من الدر إلى عنيبة وتوشكى على الضفتين، وأخيرا منطقة بلانة-أدندان في أقصى الجنوب، وهذه كانت تزرع بالسواقي والترع القصيرة الممتدة من ضفة النيل شرقا أو غربا، فضلا عن محطات الطلمبات في العلاقي والدكة وعنيبة وبلانة وغيرها، التي أقامتها الحكومة بعد الثلاثينيات من القرن الحالي.
والمناطق الفقيرة هي قليلة العمران، أو تكاد أن تكون منعدمة العمران، وتتركز في نطاقين أساسيين؛ أولهما: المنطقة من المحرقة إلى كورسكو؛ حيث تشتد الوعورة واقتراب الحافة الهضبية. وثانيهما: المنطقة من أرمنا إلى أبو سمبل على كلتا الضفتين؛ حيث تتراكم غطاءات الرمال بكثافة من جنوب توشكى شرق وغرب إلى أبو سمبل، وهناك منطقة ثالثة صغيرة تمتد جنوب بوابة كلابشة إلى جرف حسين تشمل التلاع الصخرية في أبوهور وقرشة.
وإذا كان الكنوز والنوبيون قد تركزوا في المناطق الغنية في الجيوب السهلية الشمالية وفي السهول الجنوبية على التوالي، فإن المناطق الفقيرة قد تداخلت فيها مجموعات من غير الكنوز والنوبيين، وأصبحوا يعدون من سكان إقليم النوبة، وأكثر الجماعات المتداخلة هم عرب العليقات الذين عرفت أوطانهم باسم وادي العرب الذين احتلوا المنطقة الوسطى كلها فاصلين الكنوز عن النوبيين.
1
Halaman tidak diketahui