Perjalanan Dalam Pemikiran Zaki Najib Mahmoud
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
Genre-genre
ومعنى ذلك أن الاهتمام بالعلم عنده لا يعني «حفظ» مجموعة من القوانين العلمية تسير بها ظواهر الطبيعة، وإنما يعني «تشرب» الأسلوب العلمي في التفكير، أن يكون لدينا منهج ذلك العلم لنستخدمه أولا في المشاركة الإيجابية في المكتشفات العلمية، وثانيا ليحمل ذلك المنهج العلمي في صدوره ميزانا تزن به الأفكار العامة، كلما نشأت عند الناس فكرة يقبلون بها مشكلة عرضت لهم في حياتهم.
15
وهو يشعر بقلق بالغ من موقف الإنسان العربي نحو «العلم» حدوده وقدراته، ونمو «العقل» وعجزه ... إلخ، وهو يرى أن الخطير في الأمر أن العربي كثيرا ما يسخر من منجزات العلم الحديث، وأنه بذلك يهزأ بالعقل الإنساني وقدراته على ظن منه أن مثل هذه الوقفة ترضي ضميره الديني، وأنها وقفة تتضمن أن اعتزاز الإنسان بعقله واعتداده بقدرته العلمية - كما تشهد بها منجزاته الحديثة - فيه جرأة على رب العالمين الذي هو العليم القدير؛ مع أن أحدا على مدار الكوكب الأرضي لم يدر في خياله أنه خالق عقل نفسه، أو أنه صاحب الفضل في كل ما ينتج من علم ومنشآت ...
16
ومن المفارقات الغريبة أن العربي الذي يرفض «المنهج العلمي» هو من أكثر أهل الأرض شراء لتلك المنجزات الحديثة التي يأتي بها العلم!
17
ويواصل مفكرنا الكبير عرض الفكرة نفسها لأهميتها في مقال عنوانه «ينقصنا منهج العلم»، فيفرق بين مجموعة الحقائق العلمية التي ننقلها عن الغرب، ونحفظها عن ظهر قلب في مدارسنا وفي جامعاتنا، وبين «المنهج العلمي» الذي استطاع الإنسان بواسطته أن يصل إلى ما قد وصل إليه من حقائق، وها هنا يكمن الداء الذي تولدت لنا منه ضروب من الأورام الخبيثة في حياتنا العقلية، أو قل حياتنا اللاعقلية، فكان لنا ما كان من بطء شديد في حركة التقدم مع حضارة عصرنا في ركضها السريع.
18
وهو في موضع آخر يجعل هذه المشكلة «موطن الداء» في حياتنا العقلية، فمن اليسير أن نلقن الدارسين «مقررا» بعينه وضعت مادته في كتاب، ويطلب من الدارس حفظها عن ظهر قلب، ويعيدها في ذلك الهيكل العظمي في ورقة الامتحان، فيخرج الدارس وفي جعبته معلومات و«نقط» مبعثرة، وليس في عقله «نهج» للنظرة العلمية أيا كان الموضوع الذي ينظر إليه ابتغاء تعليله (18). وعندما قال فرنسيس بيكون: «العلم قوة»، فإنه كان يقصد لفت أنظار الناس إلى أنه ليس من العلم في شيء ذلك التحصيل الذي كان رجال العصور الوسطى في أوروبا يجمعونه من الكتب ويحفظونه، ما دام عاجزا عن أن يضيف إلى دارسه «قوة»، يستطيع بها أن يلجم ظواهر الطبيعة ليجعلها طوع أمره؛ فالتحكم في نبات الأرض نوعا ومحصولا يحتاج إلى «علم»، والتحكم فيما يخرجه الإنسان من جوف الأرض «علم»، واختراع وسائل النقل السريعة والمريحة يحتاج إلى «علم»؛ لأنه ضروب من «القوة» التي يقوى بها الإنسان على إخضاع الأشياء لصالحه ... والوسيلة إلى ذلك تبدأ من الطفولة، أن ندرب الطفل منذ الصغر أن تكون حواسه هي أبوابه ونوافذه.
19 •••
Halaman tidak diketahui