فالوطن سائب عمره الله بالأحكام الشرعية وأزال منه الفتنة وبدل ذلك بالعافية الدائمة وكذلك الغالب عليها البرد والثلج وبالجملة فنسأل الله تعالى أن يعمره على يد سلطان عدل فلما حان السفر وآن جمعت طلبتي وأمرتهم بالاشتغال بالعلم والمودة بينهم والطاعة لله تعالى عمرهم الله تعالى على الدوام بالعلم والعمل مع أولادنا الذكور إلى غابر الدهر بجاه من ذكرناه آمين.
ولقد علمت أن من أراد مثل هذا السفر إذ سفر الحج سفر ينسبه طريق الآخرة فينبغي أن يعتني به غاية الاعتناء لما فيه من كثرة الحسنات سيما فعل المعروف فإنها طريق للمحسنين والله يقول ما على المحسنين من سبيل يحتاج إلى نية عظيمة وصدق قوي وهمة عالية وإخلاص كبير لأن عمل الطاعة كله إلى الإخلاص لله تعالى لأن الله يقول إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء نعم الحج أقواها في طلب الإخلاص إذ كثير ما يدخل الرياء فيه لما علمت من كثرة خوف الأهوال فيه والمسافة البعيدة وملاقاة الناس فنجد الحاج يحكي للناس في وطنه وغيره أنه وقع في الدرب كذا وفي مكة [وفي المدينة وفي مصر كذا وفي برقة كذا وفي البحر كذا وفي الموضع الفلاني] (1) كذا [فيقع فيه السمعة والعجب والرياء وبعض الكذب إذ لا يخلوا المخبر بالوقائع الماضية عن] (2) الزيادة والنقصان فيقع في الكذب قطعا والغالب أنه ينوي (3) بحجه المفاخرة وليقال انه حج [فغالب عامة الحجاج يقصدون ذلك فيغلب عليهم الرياء ولهذا] (4) قال الله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله ولم يقل في الصلاة ذلك ولا في الزكاة ولا في غيرها من الأعمال الصالحات نعم من فتح الله عليه
Halaman 44