مراتب متعددة والله اعلم بحقيقة لك فان صح انه قال له فهو في الغالب لا يكذب إلا أن كلامهم يحتاج إلى تأويل ويبعد حمله على ظاهره وأن المراد مجرد الرؤية البصرية فان القواعد تأبى بقاءه على عمومه فانه يراه البر والفاجر والمصر على الكبائر والمفارق لها بل والجاهل الذي يتطرق إلى إيمانه الخلل لغلبة الجهل والآراء الفاسدة ولكثرتهم جدا يبعد موت جميعهم على التوبة النصوح الموجبة لغفران الذنوب كلها الموجبة للنجاة من النار إلا أن كلام أولياء الله لا ينبغي أن يرمى به جزافا فليحرص المرء جهده على لقائهم ورؤيتهم والتبرك بهم فعسى أن يصادف نفحة من نفحات الحق فيسعد بها دنيا وأخرى فإن لله عبادا إذا نظروا إلى أحد أغنوه ومع ذلك فلا يركن إلى ظواهر ما يجري على ألسنتهم كل الركون حتى يعتقد أن من رأى أحدهم ممن قال مثل ما تقدم قد أمن من النار فإن لكلامهم وجوها واحتمالات تدق على إفهام أكثر الخلق ممن لم يسكت طريقهم قال وأقرب ما يحمل عليه كلام المتقدم أن تحمل الرؤية على القلبية والمرأى على صورته الباطنة التي توجب العلم بما هو عليه من سني الأحوال وسمي الأوصاف ورفيع المقامات ولا شك أن من منح شهود ذلك وأشرف عليه فله نصيب وافر من التخلق بأخلاق الأولياء والورود من موارد الأصفياء وحينئذ يكون جديرا بأن لا تمسه النار وهذا من معنى ما اشتهر عن قطب الزمان مولاي عبد القادر الجيلاني أنه قال أخذت العهد من ربي أن لا يدخل أحد من أتباعي النار إلى يوم القيامة فيحمل على من اتبع طريقه لا على مجرد الانتساب باللسان قال ولو صح حمل الكلام المتقدم على ظاهره وعمومه لكان أولى بذلك الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وكثير من رآهم رؤية بصرية لم يوفق للاهتداء بهديهم فحرم بركة رؤيتهم وكل مقام ناله ولي من أولياء الله فهو ميراث اتباعه لنبيه صلى الله عليه وسلم وما كان ميراثا لا يصح أن يكون شيئا لم يكن لموروثه بل يستحيل عند أرباب القلوب أن ينال ولي ولو ذرة من مقام أو حال لم تكن بكمالها
Halaman 119