89

ثم نقرأ ما تنقط جميع الحروف بالجزم الكبير. وإذا فرغت من القراءة في الليل قبل النوم ، فنضع الجدول تحت رأسي ، ويأتيني في النوم من يخبرني بالجواب مما أضمرته في نفسي (149). قال إنه يصدق فيما يجوب به ، ويحتمل أنه كان يعمل نصبة على المسألة ويظهرها ليظن أن الجواب استخرجه منها. ومما رأيت ببريش امرأتين تركيتين : إحداهما عجوزة ، والأخرى من نحو أربعين سنة ، وهي مشغولة بالأشغال العجيبة (150) للسلطان. وكانت النساء جميعا تتعجبن من حسن شغلها ، وضرفها في الرقم. وكانت تأخذ من عند السلطانة كل يوم ريالة كبيرة ، وسألتها عن السبب الذي جاءها من بلاد المسلمين (151) إلى بلاد الفرنج ، قالت كنا في البحر قاصدين الحج وأخذنا النصارى وأتوا إلى البندقية ، وكتب رسول سلطان فرنجة ، وأعلم السلطانة بشغلها ، وبعثت له يرسلنا إليها ، ثم أن السلطانة ونساء الأكابر دعوها إلى دينهم ، ودخلت فيه ، فقلت لها : ما ألهمني الله في أمور الأديان ، وأنه لا ينجو الآن أحد إلا في دين الإسلام ، وأتيت لها ببراهين على ذلك (152). وهي كانت تقرأ بالعربية والعجوز كذلك قالت : إنها كانت من الدار الكريمة للسلاطين بإصطنبول (153). ونادتني يوما ، وبعد الطعام العجيب ، قالت لي : أطلب منك حاجة لوجه الله تعالى ، قلت لها : اذكري حاجتك ، قالت لي : تدبر علي لنمشي إلى بلاد المسلمين ، قلت لها : وتسمح لك السلطانة في الانتقال؟ قالت : ما تسمح لي أبدا ، قلت لها : إن شاء الله أدبر عليكما حتى ترجعا إلى بلاد المسلمين. حينئذ ودعتهما ،

Halaman 107