التي نهاه الله عنها ، وفمه ، لأنه أكل منها ، وأنفه ، لأنه استنشق الفاكهة ، ووجهه ، لأنه توجه إليها ، ويسمح برأسه ، لأنه دخل تحت الشجرة وأذنيه لأنه سمع بهما ما قيل في الفاكهة عكس ما قيل له أولا ، ورجليه ، لأنه سعى بهما إلى الشجرة.
والمواضع كلها يغسلها بالماء الطاهر ، لأن في الدنيا ليس شيء للطهارة مثله. حينئذ يدخل الإنسان يناجي ربه ، وهو في الحالة التي كان أبونا آدم قبل أن يأكل من المنهى عنه. وتدوم هذه الطهارة حتى يخرج من الإنسان شيء مما ورث ، فيحتاج يتوضأ.
وهذا خلاص خير من خلاصكم ، وأنت قاضي تدرك الحق بعقلك ، فالذي يخلص عن نفسه ، فهو بهذا العمل يدخل في الصلاة ، ومن لا يصلي ، ولا يتوضأ يطلب بذلك ، وأنتم تقولون أن سيدنا عيسى عليه السلام يخلص عن الجميع. فتعجب القاضي وقال : أبدا ما سمعت من قال هذا الكلام وغير ذلك مما تكلمنا ، ولم يثبت قرأت ذلك ببلاد الأندلس قبل خروجي منها في كتاب يسمى بمختصر جبريل وكان فيه أن المني وجد في أبينا آدم عليه السلام بعد أن أكل من الشجرة وأنه يخرج من تحت كل وبرة من جميع الجسد ولذلك وجب غسله جميعا ثم التقيت بعد ذلك بأيام ابن أخي القاضي ، وهو الذي قال لي أن أمشي إلى عمه ، ولما رآني قال لي : رد بالك (97)، أن عمي شيخ كبير ، فدعه على دينه ، لا ترده مسلما ، قلت له : أنت أكدت علي القدوم إليه ، قال : هو يطلب منك أن تمشي له ، ولكن راني وصيتك ، ولا أدري الآن هل رجعت إليه أم لا؟ وقد وقع لي كلام بالمدينة المذكورة مع رجل مفتي ، قال لي يوما : ماذا تقولون في عيسى عليه السلام ؟ قلت : إنه نبي ، رسول الله ، قال : ما تقولون إنه ابن الله حقيقة؟ قلت له : ما نقول ذلك ، قال : فمن كان أبوه؟ قلت : التي كانت أم حوى كان أبوه ، قال : بين ما قلت ، لأني ما فهمت ما قلته عن أمنا حوى؟ قلت له : اعلم أن خلقة الإنسان هي على أربعة أقسام : القسم الأول : خلق الله تبارك وتعالى أبانا آدم عليه السلام من غير أبوين ، وخلق أمنا حوى من غير أم ، وخلق سائر الناس من أبوين ، وخلق سيدنا عيسى عليه السلام من أم ليس له أب ، كما خلق أمنا حوى ليس لها أم ، ولذلك قلت لك حين سألتني من
Halaman 83