فأكرموا نزله، وولوه الخطابة، بجامع الموحدين بتونس، وأقام بها، إلى أن هلك السلطان أبو إسحق سنة سبعين، وولي ابنه خالد. وزحف السلطان أبو العباس، حافد السلطان أبي يحيى، مَقَرِّه بقسنطينة إلى تونس، فملكها، وقتل خالدًا، سنة اثنتين وسبعين.
وكان ابن مرزوق يستريب منه، لما كان يميل، وهو بفاس، مع ابن عمه أبي عبد الله محمد، صاحب بجاية، ويؤثره عند السلطان أبي سالم عليه، فعزله السلطان أبو العباس عن الخطبة بتونس، فوجم لها، وأجمع الرحلة إلى المشرق. وسرحه السلطان، فركب السفين، ونزل بالإسكندرية، ثم ارتحل إلى القاهرة، ولقي أهل العلم، وأمراء الدولة، ونفقت بضائعه عندهم، وأوصلوه إلى السلطان، وهو يومئذ الأشرف، فكان يَحضُر مجلسه، وولوه الوظائف العلمية، وكان ينتجع منها معاشه. وكان الذي وصل حبله بالسلطان إستداره محمد بن أَقْبُغا آصْ ()، لقيه أول قدومه، فحلي بعينه، واستظرف جملته، فسعى له، وأنجحت سعايته، ولم يزل مقيمًا بالقاهرة، موقر الرتبة، معروف الفضيلة، مرشحًا لقضاء المالكية، ملازمًا للتدريس في وظائفه، إلى إن هلك سنة إحدى وثمانين.
هذا ذكرُ من حَضَرنا من جُملة السلطان أبي الحسن، من أشياخنا، وأصحابنا؛ وليس موضوع الكتاب الإطالة، فلنقتصر على هذا القَدر، ونرجع إلى ما كنّا فيه
من أخبار المؤلف.
ولاية العلامة بتونس
ثم الرحلة بعدها إلى المغرب
والكتابة عن السلطان أبي عنان
لم أزَلْ منذ نشَأت، وناهزت مُكبًّا على تحصيل العلم، حريصًا على اقتناء
1 / 64