وقال سعد بن معاذ١ ﵁ للنبي ﷺ يوم بدر: "يا نبي الله ألا نبني لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا وإن كان الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا فقد تخلف عنك أقوام ما نحن بأشد حبا لك منهم ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك"، فأثنى عليه رسول الله ﷺ خيرا ودعا له بخير٢.
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: لما كان يوم أحد جاض٣ أهل المدينة جيضة وقالوا: قتل محمد، حتى كثرت الصوارخ٤ في ناحية المدينة. فخرجت امرأة من الأنصار محرمة فاستقبلت٥ بأبيها وابنها وزوجها وأخيها لا أدري أيهم استقبلت به أولا فلما مرت على أحدهم قالت: من هذا؟، قالوا: أبوك أخوك زوجك ابنك. تقول: ما فعل رسول الله ﷺ؟،
١ سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاري الأشهلي، سيد الأوس، صحابي جليل، شهد بدرا، ورمي بسهم يوم الخندق فعاش بعد ذلك شهرا ثم مات، وذلك سنة خمس من الهجرة. الإصابة (٢/ ٣٥) .
٢ أورده ابن هشام في السيرة (٢/ ١٩٢) وعزاه لابن إسحاق، وأورده ابن كثير في البداية (٣/ ٢٦٨)
٣ يقال: جاض في القتال: إذا فر. وجاض عن الحق: عدل.
وأصل الجيض: الميل عن الشيء، ويروى بالحاء والصاد المهملتين النهاية (١/ ٣٢٤) .
٤ جمع صارخ: وهو المصوت يعلمه بأمر حادث يستعين به عليه أو ينعي له ميتا. النهاية (٣/ ٢١) .
٥ أي أخبرت بمقتل أبيها، وابنها، وزوجها، وأخيها.