Richard Feynman: Kehidupannya dalam Sains
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
Genre-genre
في ذلك الحين، كان لتلك العبارة الأخيرة ما يبررها. أما العبارة الأولى فلا. فعلى مر السنوات الست أو السبع السابقة، في أعقاب عملهما المشترك في موضوع التفاعل الضعيف، ابتعد فاينمان بثبات عن الاندفاع المحموم نحو إزالة الارتباك الناشئ في فيزياء الجسيمات، مع نمو عالم الجسيمات المتفاعلة بقوة الخارجة من المعجلات الذي بدا وكأنه مصمم لسحر ألباب كل من انجذبوا - مثل بحارة الأوديسا - لنداء حورية البحر، لترتطم سفينتهم بالصخور. أما جيلمان - من ناحية أخرى - فقد اقتحم الموقف مباشرة، بكل ما أتيح له ولزملائه من أدوات، وبعد عدد من المعارك والبدايات الخاطئة، جلب لنا أخيرا قبسا من الأمل في وضوح الرؤية في هذا الميدان.
لخص فاينمان الوضع في كلمة ألقاها في الاحتفال بعيد الميلاد الستين لهانز بيته بكورنيل، مرددا في البداية عبارات ذكرها في أول أبحاثه عن الهيليوم السائل في أوائل الخمسينيات: «من بين الأسباب التي جعلتني لا أنجز الكثير في موضوع الجسيمات المتفاعلة بقوة أنني اعتقدت أنه لا توجد معلومات كافية للتوصل إلى فكرة جيدة. وزميلي العزيز، بروفسور جيلمان، لا يفتأ يبرهن لي أنني كنت مخطئا ... إذ ها نحن فجأة نسمع ضوضاء تكسير الجوز.»
لكي ندرك الحيرة التي سادت ميدان فيزياء الجسيمات خلال النصف الأول من ذلك العقد، لسنا بحاجة إلا لأن نتأمل أفضل أسلوب في الوقت الراهن لفهم جاذبية الكم و«نظرية كل شيء» المحتملة المرتبطة بها. هناك العديد من الأفكار ولكن لا يوجد سوى القليل من البيانات التي توجه علماء الفيزياء، وكلما مضينا أكثر في اتباع الأطروحات النظرية، بدا الموقف أكثر حيرة وارتباكا. في الستينيات، لا ريب أن الآلات كانت تنتج بيانات أكثر بكثير، ومع ذلك لم يكن أحد يعلم إلى أين تقوده. ولو أن أحدا عام 1965 قال إنه في غضون عقد من الزمان سوف نتوصل إلى أساس نظري شبه مكتمل لفهم القوة الضعيفة بالإضافة إلى القوة القوية أيضا، ما صدقه معظم الفيزيائيين.
كسر جيلمان بالفعل ثمرة الجوز ببصيرة مدهشة. ففي وقت كان كثير من الفيزيائيين يفكرون في صرف النظر حتى عن احتمال التوصل لفهم فيزياء الجسيمات باستخدام الأساليب التي عملت بفعالية كبيرة مع الديناميكا الكهربائية الكمية، اكتشف جيلمان في عام 1961 أهمية نظرية مجموعة التناظر، التي منحته أداة رياضية لتصنيف عدد لا يحصى ولا يعد من الجسيمات الأولية الجديدة حسب سمات تناظرها. والمدهش أن جميع الجسيمات على اختلافها بدا أنها تنتمي إلى «مجموعات جسيمات» متنوعة، حسبما أطلق عليها، يمكن لكل جسيم فيها أن يتحول إلى جسيم آخر عن طريق تطبيق تحويل تناظر مرتبط بالمجموعة. تلك التناظرات تشبه عمليات الدوران التي شرحتها في موضع سابق، التي يمكنها أن تنتج أشكالا معينة، كالمثلثات والدوائر، تبدو على نفس الصورة. في مخطط جيلمان (حسبما اكتشف بعد ذلك العديد من العلماء الآخرين من جميع أنحاء العالم كل بطريقته)، كانت الجسيمات المختلفة تنتمي إلى مجموعات تمثيلية يمكن التعبير عن خصائصها (الشحنة على سبيل المثال) بيانيا بحيث تشكل قمة مجسم متعدد الأسطح، وجميع الجسيمات التي تنتمي لكل مجسم يمكن حينئذ تحويل بعضها إلى بعض عن طريق التناظرات، التي يمكنها أن تدير المجسم في اتجاهات مختلفة.
سميت المجموعة التي اكتشف جيلمان أن بإمكانها تصنيف الجسيمات المتفاعلة بقوة باسم
SU(3) . كان بها بالأساس ثماني دورانات داخلية مختلفة يمكنها ربط الجسيمات في مجموعات مختلفة أشبه بالمجسمات متعددة الأسطح ذات الأحجام المتباينة، إلا أن أوضح تعبير عنها به ثمانية أعضاء. وبهذه الطريقة استطاع تصنيف كل الجسيمات المعروفة المتفاعلة بقوة أو معظمها. وابتهاجا بنجاحه في التوصل لهذا المخطط التصنيفي (على الرغم من أنه وباقي أعضاء مجتمع الفيزياء كانوا أبعد ما يكونون عن الاقتناع بصحته، بناء على الأدلة التي كانت متوافرة حينها) سماه «الطريق ذا الثماني طبقات»، ليس فقط بسبب الخاصية الرقمية لمجموعة
SU(3) ، ولكن أيضا، على النحو المعهود من جيلمان، بسبب مقولة شهيرة لبوذا عن الطرق الثمانية لتحقيق السعادة (أو «النيرفانا»): «والآن أيها الرهبان، إليكم حقيقة نبيلة تفضي إلى توقف الآلام؛ إنها الطريق النبيل ذو الثماني طبقات، وهي: الآراء السديدة، والنية السليمة، والكلام الصادق، والعمل المتقن، والحياة الكريمة، والجهد المخلص، والاهتمام الصادق، والتركيز التام.»
عندما صنف جيلمان، والفيزيائي الإسرائيلي يوفال نعيمان، الجسيمات بهذه الطريقة، لم يمكن تصنيف مجموعة من تسعة جسيمات على هذا النحو. غير أنه كان معلوما أن هناك تمثيلا مكونا من عشرة أعضاء لمجموعة التناظر
SU(3) - يسمى مجموعة العشرة - أشار كلاهما بصورة مستقلة عن الآخر إلى أنه قد يكون خيارا ملائما، مما أوحى بضرورة وجود جسيم آخر، لكنه لم يكتشف بعد. وسرعان ما أعلن جيلمان أن جسيما جديدا كهذا لا بد أنه موجود، وأطلق عليه اسم «أوميجا-سالب»، وحدد، مستخدما حجج التناظر، الخصائص المتوقعة له حتى يبحث علماء الفيزياء التجريبية عنه.
من نافلة القول أنه في خضم عملية بحث احتوت على كل أنواع الدراما السنيمائية، وعندما أوشك جميع المجربين على رفع الراية البيضاء، اكتشفوا فجأة جسيم جيلمان، وكان يحمل بالضبط الخصائص التي تنبأ بها، بما فيها شذوذه، وكتلة في نطاق خطأ لا يزيد عن 1 بالمائة مما تنبأ به جيلمان! وهكذا لم تثبت صحة الطريق ذي الثماني طبقات فحسب، بل إنه ازدهر أيضا!
Halaman tidak diketahui