============================================================
قلت : فالنافون للرياء في مقام واحد من السرعة والابطاء، ومن الفضل والنقص2 قال: لا، هم أربعة نفر: فمنهم من ينفي (الرياء) (1) سريعا لقوة عزمه.
ومنهم من يلبث في المجاهدة.
ومنهم من ينفي الخطرة، فإذا رآه العدو كذلك لم يطمع فيما يحبط عمله، وأراد آن ينال منه ما ينقص من صلاته وغيرها في الفضل والكمال، فأراه أنه إن خاصمه بالرد عليه والمجادلة له كان أصفى للإخلاص وأنجع، فيخاصمه ويجادله في النفي فينقصه إذ شغله بمخاصمته عن صلاته، لأنه لم يؤمر بمجادلته، إنما أمر بعصيانه فقد عصاه، إذ لم يقبل ما دعاه إليه، وكان جداله إياه لا معنى له أكثر من الشغل عن الصلاة، أو عن بر إن كان فيه، وإشغال قلبه بما لم يندب إليه .
وأما الثاني فهو الذي يرد عليه بالتكذيب من غير محاجة ولا مجادلة .
والثالثة : يمضي على ما كان عليه من هيجان الكراهة والاباء، عالمأ أن ذلك مجزئه من التكذيب له، والمجادلة والمخاصمة له ، فيمضي على ما كان عليه، لا يقبل ولا يحدث معنى يشتغل به عما كان فيه.
والرابع : الذي قد علم من قبل أن يعرض له في الدعاء إلى الرياء، أنه إنما يزيدا آن يزيله عن نعمة ربه حسدا له.
فلما قدم هذا العلم في قلبه ثم عرض له بالدعاء، فإن كان قلبه عز وجل مشغولا ازداد شغلا ، وإن كان ساهيا في عمله فزع إلى الذكر والفكر والشغل بالله عز وجل غيظا له.
وازدياد منفعته لعارض الداعي جعله عبرة لذكر ربه (2) .
(1) في ص : من بنفيه سريعا.
(2) يعني: حينما استفاد من هذا العارض حين فزع إلى الذكر بعد سهو القلب غيظا للشيطان ورأى نفقا
Halaman 193