============================================================
لعزوب الحذر (1) والاهتمام، فإذا اهتم وحذر تيقظ وذكر، وإذا ذكر عرف ما عرض من الرياء.
قلت : فيم ينال الاهتمام والحذر قال: بالعناية: قلت : فبم ينال العناية قال : بالمعرفة بقدر منفعة الاخلاص في الدنيا والآخرة، من ثواب الله عز وجل في القلب في عاجل الدنيا، وثوابه في الآخرة، بالرضا والجنة، وضرر الرياء على القلب، مما يورثه القسوة والرين والحبط لعمله غدا في يوم فقره وفاقته ، والتعرض لمقت من ربه جل وعز.
فإذا عظم قدر ذلك في قلبه عني به ، وإذا عني به اهتم بالقياس بأمر الله عزا وجل من الإخلاص، وحذر تضييع امره فيه بالركون إلى الرياء.
فاذا ألزم الاهتمام والحذر قلبه أيقظاه(2) ، فإذا تيقظ ذكر ، فإذا ذكر عرف.
ومثل ذلك، مثل اللص يأتي منزل الرجل ليلا وهو نائم، فإن استيقظ فعلم به ومعه عدة لقتاله زجره، فإن أبى شد عليه فهرب منه، ولم يأخذ من بيته شيئا وإن لم يستيقظ حربه (3) وهو لا يشعر فكذلك العاقل : إذا لم يتيقظ.
قلت : فيم عزبت الكراهية بعد المعرفة؟ وبم تنال؟
قال: عزبت لأن خاطر الرياء إذا عرض في القلب هاجت سورة شهوة النفس للحمد والثناء، والنيل (من العاجل) (4) ، فغلبت حلاوة ذلك على القلب، فزالتا الكراهة ولم تستقر مع حلاوة الشهوة.
(1) ومنشأ الحذر المراقبة، ونتيجته المحاسبة. فإذا راقب العبد ربه، وتخيله ناظر إليه حذر، وإذا حذر حاسب نفسه على الخطرات، ومن هنا تكون له المعرفة.
(2) في ط : يقظاه. (3) أي : سلبه.
(4) ما بين الحاصرتين: سقط من ط 191
Halaman 190