169

============================================================

المحمدة، وخوف المذمة والضعة، والطمع للدنيا، ولما في آيدي الناس جميعا، ويجمع ذلك كله: حب المحمدة، وخوف المذمة(1) : لأن العبد قد يعلم انه لا ينال ما عند الناس بطاعة ربه إلا أن يحمدوه عليها(2) فتبذل له أموالهم، وأنه إنما جزع من الذم للمحمدة كراهية ان يزول عنه حمدهم ، فتقول هذه الخلال الثلاث إلى حب المحمدة، إلا أنها تشعبت وتفرقت على أقدار الناس وقدر مراتبهم.

باب وصف خوف المذمة والطمع لما في أيدي الناس قلت : فكيف يخاف المذمة" قال: كالرجل يحضر العدو فيحضر للقتال (2)، فيتقدمه قوم هم أشجع منه فيصيروا في نحور العدو، ولا يقوى هو على ذلك، فلا ييكنه طلب الحمد ممن حضر إذا وقف مع العامة في الصف وساواهم، و[قد] تقدم الخاصة في خحور عدوهم، فيياس [من] آن يقول [عنه] من معه في الصف: ما أشجعه وهو مثله(4)، وهم يرون من تقدمهم وتقدمه .

فإذا يئس من الحمد، وكان ممن لا يريد ان يقف في الصف جبنا، او غير (1) والطمع في الدنيا داخل في حب المحمدة وخوف المذمة ، إذ يريد الطامع فيها ان يمدح بالغنى والثروة والجاه، ويأنف من آن ينسب إليه الفقر والحاجة.

(2) ومن داب المرائين كذلك - وغالبهم من الوعاظ والمتصدرين للارشاد من المدعين - أن يزهدوا الناس في الدنيا - ولا سيما الأغنياء - ويبالغوا في تزهيدهم لا يريدون بذلك وجه الله، وإنما يريدون أن يأخذوا منهم دنياهم في نفس المجلس. انظر طائفة ممتعة من أخلاق هؤلاء العلماء المنافقين في الباب الرابع من "الوصايا" للمحاسي .

(3) في ط: فيحضر القتال .

(4) اي جبان مثله، إذ لا يمدح الجبان جبانا إلى جنبه بالشجاعة أبدأ .

Halaman 168