255

نتاج الفكر في أحكام الذكر

نتاج الفكر في أحكام الذكر

Penerbit

دار التدمرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م

Lokasi Penerbit

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genre-genre

رحمة إلا سأل، ولا بآية وعيد إلا تعوَّذ. وهذا فعل الرسول ﷺ، والأصل أنه أسوة لنا، وأن ما فعله فلنا أن نتأسَّى به، إلا ما دَلَّ عليه الدليل، فإذا قال قائل:
هذا في النَّفْلِ فما دليلكم على جوازه في الفرض؟.
فالجواب: أن ما ثبت في النَّفْل ثبت في الفرض إلا بدليل، وهنا لا دليل على الفرق بين الفرض وبين النفل.
والراجح في حكم هذه المسألة أن نقول:
أما في النفل، ولا سيما في صلاة الليل، فإنه يُسنّ له أن يتعوّذ عند آية الوعيد، ويسأل عند آية الرحمة؛ اقتداءً برسول الله ﷺ، ولأن ذلك أحضرُ للقلب وأبلغُ في التدبر، وصلاة الليل يُسَنّ فيها التطويل، وكثرة القراءة والركوع والسجود، وما أشبه ذلك.
وأما في صلاة الفرض فليس بسُنة وإنْ كان جائزًا.
فإن قال قائل: ما دليلك على هذا التفريق، وأنت تقول: إنَّ ما ثبت في النَّفْلِ ثبت في الفرض، فليكن سُنة في الفرض كما هو في النفل.
فالجواب: الدليل على هذا أن الرسول ﷺ كان يصلي في كل يوم وليلة ثلاث صلوات، كلَّها جهر فيها بالقراءة، ويقرأ آيات فيها وعيد وآيات فيها رحمة، ولم ينقل الصَّحابةُ الذين نقلوا صفة صلاة الرسول ﷺ أنه كان يفعل ذلك في الفَرْض، ولو كان سُنة لفعله ولو فعله لنقل، فلمَّا لم ينقل علمنا أنه لم يفعله، ولما لم يفعله علمنا أنه ليس بسُنة، والصَّحابةُ ﵃ حريصون على تتُّبع حركات النبيِّ ﷺ وسكناته حتى إنِهم كانوا يستدلُّون على قراءته في السرِّية باضطراب لحيته، ولمَّا سكت بين التكبير والقراءة سأله أبو هريرة ﵁ ماذا يقول؟

1 / 260