«اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به» (١) .
والمفتون كذلك ليس لهم أن يفتوا بما فيه حرج وشدة على المستفتي، ما دام يجد له مخرجا شرعيا صحيحا. وهكذا باقي فئات المجتمع.
٥ - إن الأمر بالتيسير والنهي عن التعمق والتشديد معلل بأمور (٢) منها:
(أ) الخوف من الانقطاع عن العبادة وبغض العبادة، وكراهة التكليف. وينتظم تحت هذا المعنى الخوف من إدخال الفساد عليه في جسمه أو عقله أو ماله أو حاله.
قال ابن المنير - رحمه الله تعالى - في قوله ﷺ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ»: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة؛ فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع " (٣) .
وقد بوب ابن حبان - رحمه الله تعالى - على قوله ﷺ: «خُذُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»: " باب ذكر العلة التي من أجلها أمر بالأمر بإتيان الطاعات على الرفق ".
(١) أخرجه مسلم في: ٣٣ - كتاب الإمارة، ٥ - باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم ٣ / ١٤٥٨ (١٨٢٧) .
(٢) انظر: الموافقات ٢ / ١٣٦ فما بعدها، ومقاصد الشريعة عند الإمام العز بن عبد السلام، ص: ٣٣٦.
(٣) فتح الباري ١ / ١١٧؛ وانظر أيضا الصحوة الإسلامية بين التطرف والجمود، ص ٣٠.