والجواب: أن وجود الرق حالة استثنائية تقتضيها المصلحة التي يقدرها ولي الأمر، ثم إن الإسلام حض على إعتاق الرقيق وجعله كفارةً لكثيرٍ من الأخطاء كالحنث في اليمين وغيره. وبيع الرقيق لا يعني أنه لا يتمتع بحق الحياة أو إباحة الاعتداء عليه فقد جعل الإسلام كفارة من لطم وجهه على عبده عتقه (١) . وفي الحديث: من كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم (٢) .
٢- القول الثاني: لا يجوز بيع الأعضاء وهو ما أفتى به المجمع الفقهي:
الأدلة على التحريم:
أ- أن أعضاء الإنسان ليست ملكًا له، ولم يؤذن له ببيعها شرعًا فيكون بيعها داخلًا في بيع الإنسان مالا يملك.
ب- أن بيع الإنسان لأعضائه فيه امتهانٌ له، والله ﷿ مكرم له فخالف مقصود الشرع من هذا الوجه. ولذلك نجد الفقهاء يعلل أكثرهم حرمة البيع بتكريم الله للإنسان قال الشيخ علاء الدين الحصكفي ﵀ عند بيانه لما لا يجوز بيعه: وشعر الإنسان لكرامة الآدمي ولو كان كافرًا (٣) .وفي حاشية ابن عابدين ٥/٢١٥: وإن قال له: اقطع يدي وكلها لا يحل لأن لحم الإنسان لا يباح في الاضطرار ولكرامته. وفي الفتاوى الخانية ٣/٤٠٤: مضطر لايجد الميتة وخاف الهلاك فقال له رجل: اقطع يدي وكلها لا يسعه الأمر. وفي الفتاوى الهندية ٥/٣٥٤: الانتفاع بأجزاء الآدمي لم يجز قيل للنجاسة، وقيل لكرامته وهو الصحيح. وفي الفتاوى البزازية ٦/٣٦٥: يكره معالجة الجراحة بعظم الإنسان ...لأنها محرمة الانتفاع. وفيها أيضًا ص٣٦٦: خاف الهلاك جوعًا فقال له آخر: اقطع يدي وكلها ليس له ذلك لأن لحم الإنسان لا يباح حال الاضطرار لكرامته.
_________
(١) - ورد ذلك في حديث ابن عمر الذي رواه أحمد في مسنده.
(٢) - رواه البخاري في الإيمان (٣٠) ومسلم كذلك (١٦٦١) .
٢٢- الدر المختار للحصكفي ٢/٦٤
13 / 2