الخطأ والوهم أمران حاصلان وواقعان في أحاديث الثقات فضلًا عَنْ وقوعه في أحاديث الضعفاء، ونحن وإن نذكر في حد الصَّحِيْح كون راويه تام الضبط إلا أن ذَلِكَ أمر نسبيٌّ (١)، وإلا فكيف اشترطنا في الصَّحِيْح (٢) أن لا يَكُوْن شاذًا ولا معللًا مع كون راويه ثقة فيتخرج عَلَى هَذَا أن الوهم والخطأ يدخل في أحاديث الثقات؛ لأن كلًا من الشذوذ والعلة داخل بمعنى الوهم والخطأ. ثُمَّ إن الوهم والخطأ من الأسباب الرئيسة للاختلاف بَيْنَ الأحاديث. وبالسبر والنظر إلى كتب السنة النبوية نجد عددًا كبيرًا من الرُّوَاة الثقات قَدْ أخطؤوا في بعض ما رووا، وَهُوَ أمر متفاوت بَيْنَ الرُّوَاة حسب مروياتهم قلة وكثرة وربما كَانَ حظ من أكثر من الرِّوَايَة أكبر خطأً من المقلين؛ لذا نجد غلطات عُدَّتْ عَلَى الأئمة العلماء الحفاظ لكنها لَمْ تؤثر عليهم في سعة ما رووه (٣)، قَالَ الإمام أحمد بن حَنْبَل (٤)
_________
(١) انظر: مقدمة شرح علل الترمذي، لابن رجب: ٧.
(٢) هُوَ الَّذِيْ يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عَنْ العدل الضابط إلى منتهاه ولا يَكُوْن شاذًا ولا معللًا. مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث طبعة نور الدين: ١٠، وفي طبعتنا:٧٩.
(٣) وهكذا فإنا نجد أن الإمام علي بن المديني قَدْ خرّج علل حَدِيْث سفيان بن عيينة في ثلاثة عشر جزءًا. مع أن سفيان بن عيينة من أساطين هَذَا الفن وجهابذته وفحوله؛ لَكِنْ هَذَا الكم الكبير لَمْ يؤثر عَلَيْهِ لسعة ما رَوَى فهو كحبة القمح من البيدر. وانظر: مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث، للحاكم: ٧١.
(٤) هُوَ أحمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل بن هلال بن أسد الشيباني المروزي ثُمَّ البغدادي، أبو عَبْد الله، أحد
الأعلام، صاحب المذهب، لَهُ: " المسند " و" الزهد " و" العلل " وغيرها، ولد سنة (١٦٤ هـ)، وتوفي سنة (٢٤١ هـ) .
حلية الأولياء ٩/١٦١ و١٦٢، وطبقات الحنابلة ١/١٠، والعبر ١/٤٣٥.
1 / 11