فِيهَا عوجا وَلَا أمتا، مَا علل الْغَمَام نبتا، وتعاقبت الْأَيَّام أحدا وسبتا، وَمَا وَافق سعى بختا، وآثرت أُمَّهَات القريحة نبتا [ورتبت هَذَا الْكتاب ترتيبا، لَا يخفي أَحْكَامه، وبوبته تبويبا، يسهل فِيهِ مرامه، كلما ذكرت حرفا، قدمت أَرْبَاب الْإِكْثَار، وَأولى الاشتهار، من بعد الِاخْتِيَار، والبراة من عُهْدَة النِّسْبَة، اتهاما للْأَخْبَار. ثمَّ أتيت بِالْمَجْهُولِ مِنْهَا على الْآثَار، حَتَّى كمل على حسب الوسع والاقتدار، فَإِن وَافق الْإِرَادَة، فشكرا لله وحمدا، وَإِن ظهر التَّقْصِير، فخديم استنفد جهدا. وَمن الله نسئل أَن يتغمد الزلل، ويتدارك الْخلَل، ويبلغ من مرضاته الأمل، فَمَا خَابَ لَدَيْهِ من سَأَلَ] .
وَثَبت أَيْضا من تأليفي فِي الْكتاب الْمُسَمّى " باللمحمة البدرية فِي الدولة النصرية "
الْحَمد لله الَّذِي جعل الْأَزْمِنَة كالأفلاك، ودول الْأَمْلَاك، كأنجم الأحلاك، تطلعها من الْمَشَارِق نيرة، وتلعب بهَا مُسْتَقِيمَة أَو متحيرة، ثمَّ تذْهب بهَا غابرة أَو متغيرة، السَّابِق عجل، وطبع الْوُجُود مرتجل، والحي من الْمَوْت وَجل، والدهر لَا معتذر وَلَا خجل، بَيْنَمَا ترى الدست عَظِيم الزحام، والموكب شَدِيد الالتحام، والوزعة تُشِير، والأبواب يقرعها البشير، وَالسُّرُور قد شَمل الْأَهْل والعشير، والأطراف تلثمها الْأَشْرَاف، وَالطَّاعَة يشهرها الِاعْتِرَاف، وَالْأَمْوَال يحوطها الْعدْل، أَو يبيحها الْإِسْرَاف، والرايات تعقد، والأعطيات تنقد، إِذْ رَأَيْت الْأَبْوَاب مهجورة، والدسوت لَا مؤملة، وَلَا مزورة، والحركات قد سكنت، وأيدي الإدالة قد تمكنت، فَكَأَن لم يسمر سامر، وَلَا نهى ناه وَلَا أَمر آمُر. مَا أشبه اللَّيْلَة بالبارحة، والغادية بالرايحة، إِنَّمَا مثل الْحَيَاة الدُّنْيَا، كَمَاء أَنزَلْنَاهُ
1 / 24