محمد الصَّالِحِيّ الهِلاَليّ
هُمام بعيد الْهِمَّة، قريب منال مياه الْجَمّة، له دَرارِيُّ شِيم، هي غُرَّة دُهْم اللَّيالي، وبَناتُ أَفكارٍ لم ترتضِعْ غير دَرِّ المعالي، فلا بربِّ المشرق والمغارب، إنها شموسٌ لم تزل طالعةً مِن سماء المناقب، وهي الآن شامَةٌ في وجَنات الشام، وروضة تفتَّحت أنوارُها بثغُورٍ ذاتِ ابْتِسام.
ومن سُنَّتِه الاعْتزالُ عن الناس، وتقديمُ الوَحْشة على الاسْتِئْناس، مُنقطعًا لاقْتِطاف زهرات العلوم، يمدُّ لِقِرَى الأسماع موائدَ المنثور والمنظوم، في زهدٍ مُتحَلٍّ بخِلاله، تَدِقّ صفاتُ المدح عن معاني جَلاله، بعزمٍ هو أبو العجَب، لو قُدِح زَنْدُه لَهَبَّ له لَهَب، وخَطٍّ تُسَرّ به النُّفوس، وتُوَشَّى بدِيباجِه الطُّروس.
خطٌّ زهَتْ أزهارُه ... والروض يُنْبِتُه السَّحابْ.
وشعرُه شَقِيق الرياض، المُطَّرِدة الحِياض، تُسْتَخرج الجواهرُ من بحوره، وتُحَلَّى لَبَّات الطُّروس بقلائد سطورِه، لم يصْرِفه لمدح كريم، ولا تغزَّل بمليحٍ كريم، ولعَمْري
1 / 27