Pandangan Mengenai Abi al-Ala: Lelaki yang Menemui Dirinya Sendiri
رأي في أبي العلاء: الرجل الذي وجد نفسه
Genre-genre
ونرجع إلى المقالة الثانية فنقرأ أنه: كانت بأنطاكية مكتبة عربية تشتمل من نفائس الكتب على عدد غير قليل، فحفظ منها أبو العلاء ما شاء الله أن يحفظ، (الذكرى ص154، ط أولى)، وأن أبا العلاء وصل إلى طرابلس، وكانت بها مكتبة كبيرة، وقفها أهل اليسار، فدرس أبو العلاء منها ما شاء، ثم عاد إلى معرة النعمان (الذكرى، ص157، ط أولى)، وأما في بغداد «فمما لا شك فيه أنه لم يجلس مجلس التلميذ من أحد (الذكرى، ص190، ط أولى)، ولم يكن في بغداد أستاذا ولا تلميذا، وإن كان قد زار مكتبتيها، وقرأ ما فيهما من كتب الحكمة، وحضر المجمع الفلسفي بدار عبد السلام البصري (المصدر السابق، ص192)، وإذا ما كان درس أبي العلاء للفلسفة في أنطاكية وطرابلس وبغداد أيضا هو الحفظ من المكاتب، فإنك لن تطمئن إلى أن هذا هو البحث عن حقائق العالم الذي عرفنا أنه شطر عمل الفيلسوف، على أنك تجاوز هذا، وتفرض أن أبا العلاء أجاد الحكمة علما وعملا - أي بحث عن حقائق هذا العالم - وتسأل: أكانت حياته موافقة لنتائج بحثه كما يجب أن يكون الفيلسوف في تقرير مفلسفي أبي العلاء أنفسهم»؟
وهنا يبدهك في الإجابة عن هذا السؤال ما قرأته لأبي العلاء من نتائج بحث - إن تساهلت فسميتها كذلك - فلا تعرف له نتيجة ثابتة لم يخالفها، ولم يقرر غيرها، فإلى أي نتائج بحثه كان يستند سلوكه، وقد قال الشيء وضده دائما، أو على الأقل، فيما قرأت هنا من أمور الحياة العملية؟! وإذا لم تعرف إلى أي نتيجتي بحثه، وأي عبارتي قوله استند فعله، فقد بقي أن فعله لا يستند إلى شيء من قوله، ولعل هذا ما نستطيع القول به حين نتحدث عن «أبي العلاء بين قوله وفعله» فيما يلي من هذا الرأي.
فلو كانت العزلة والوحدة - كما دعا إليها وحبب فيها أحيانا - لوجب أن يلتزم العزلة دائما. ولكنه لم يفعل هذا - كما سترى - ولو كانت العزلة غير محبوبة، والاختلاط والتعاون والسعي في الأرض خيرا لوجب أن يكون ذلك عمله، ولكنه كذلك لم يفعل هذا دائما، أو لم يفعله على وجهه؛ فقد حاول العزلة، وأعلن أنه صمم عليها ، ولكنه ظل يختلط ويدرس ويتثقف، ويلقى الناس كثيرا أو قليلا!
ولو كانت الحياة كما كرهها، وكره فيها، لحرص على التخلص منها، ولكنه رغب في هذا التخلص ولم يفعل.
ولو كانت الحياة محببة بالغريزة وهو يحبها، كما قال، لأقبل عليها واطمأن إليها، ولكنه لم يفعل ذلك خالصا ولا متسقا. وفي كل حال فإن صلة ما بين قوله وعمله لم تجر على دستور الفلاسفة المعروف، الذي قرأت تقريره في قول مفلسفي أبي العلاء أنفسهم. وقد فعل أشياء وافقت بعض قوله، ولكنها خالفت كذلك بعض قوله، فمال إلى الإقلال والقناعة، وكف عن التكثر والتمتع وترك الزواج، وبذلك لم ينسل، وأنت غير مستطيع أن تجعل هذا موافقة لقوله، أو لنتيجة بحثه؛ لأنه يوافق بعض القول حين يخالف بعضه، فبقي أن تلتمس مرجحا آخر غير هذا القول المتفلسف، أو التفلسف الباحث. قد كان سبب ما جنح إليه أبو العلاء في أمر حياته ونظامها، وهو ما وعدناك أن نعود إليه بعد الانتهاء إلى وجه الرأي في تفلسفه الذي رأينا منه حتى الآن: أن أبا العلاء لا يظهر فيلسوفا بالمعنى المعروف لهذه الكلمة، ولا له فلسفة خاصة تقوم على منهج تفكير، وأسلوب بحث، ومذهب في المعرفة، وتقرر آراء واضحة معينة، وإننا لهذا لا نجد حتى الآن ما يدلنا على أنه قد كان فيلسوفا حقا، بل إنا لنجد غير قليل مما يدلنا على ...
إخلال أبي العلاء بمنهج الفلسفة
فمن ذلك:
أولا:
أن هذه الفلسفة ليست إلا البحث الحر، لا يحد نظر المفكر فيه حد، ولا يحتكم في عقله غير منهجه، فهو لا يعترف بأسرار محجبة، ولا يسلم بوجود مناطق في الكون محرمة على العقل، وذلك جلي في طابع التفلسف لا يحتاج إلى فضل بيان أو تأييد، ولكن صاحبنا يخل بهذا في مثل قوله بعد حديثه عن الروح:
وروم الفتى ما قد طوى الله علمه
Halaman tidak diketahui