205

ثم ذهب السلطان ومضى فى ذلك الوقت؛ ليحارب الكفار وكان يخشى أن ينهزم، وفجأة نزل فى ركن، ووضع وجهه على التراب، ووضع قميص الشيخ على يده، وقال: يا إلهى بعزتك وفضل هذه الخرقة انصرنى على الكفار، على أن أوزع كل الغنائم التى تغنم منهم على فقراء المسلمين، وفجأة ظهر الظلام من ناحية، ووضع كل سيف من سيوفهم فى سيف الآخر وقاتلوهم ومزقوهم وانتصر جيش الإسلام. ورأى محمود فى تلك الليلة فى المنام أن الشيخ كان يقول: يا محمود لقد أخذت بركة خرقتنا، حتى أنك إذا أردت أن تدخل الكفار جميعا فى الإسلام لاستجبت.

وفى آخر عهد السلطان محمود، استدعى إسرائيل بن سليمان بن سلجوق من بلاد ما وراء النهر، وبسبب خوفه من كثرتهم أرسله إلى قلعة كالنجار فى أرض السند حتى توفى هناك، وكان سبب ثورة السلاجقة وضعف الغزنويين، وتوفى السلطان محمود فى سنة أربعمائة وعشرين، وكانت مدة ملكه تسعة وثلاثين عاما.

السلطان مسعود بن محمود:

كان محمود قد أوصى أن تكون سلطنة العراق وخراسان لمسعود، وملك الهند وغزنة لمحمد، فالتمس مسعود من أخيه أن يجعله شريكا له فى الخطبة، قلم يستجب له محمد، فاتجه مسعود إلى غزنة وقبض قبل وصوله على يوسف بن سبكتكين بن محمد وأرسله إلى القلعة، فوصل مسعود وحبس يوسف أيضا، واستولى على جميع ممالك أبيه.

وفى أيامه عبر آل سلجوق نهر جيحون ودخلوا خراسان واستقروا فى أطراف آبيورد وميهنة، فأرسل السلطان مسعود فرمان يهددهم فيه؛ فردوا عليه قائلين: إن هذا أمر الله فما يريده يكون، فعرف الشيخ أبو سعيد بن أبى الخير هذا الخبر وقدم بن إسشت؟ 6 وجغرى وطغرل وأخوه لزيارته، فسلموا وقبلوا يد الشيخ ووقفوا أمامه، فنكث الشيخ رأسه، ثم رفعه وقال لجغرى: لقد منحوك خراسان، وقال لطغرل: ومنحوك أيضا العراق، فقدموا إليه الخدمة وعادوا.

ووصل السلطان مسعود، ميهنة بعد ذلك وكانت معمورة، فلجأ الناس إلى القلعة ووافق الشيخ، وحارب السلطان أربعين يوما، وأصدروا فى ميهنة واحدا وأربعين حكما، فجرح وقتل كثير من جنود السلطان، فقال الشيخ لحسن المؤدب: يجب أن نمضى إلى البادة هذه الليلة، وهى قرية على بعد فرسخين من ميهنة، ونقرئ تلك العجوز منا السلام، ونقول لها أن ترسل الجرة الممتلئة بسمن البقر التى جعلتها لنا، فتركوا حسنا بجوار الحصن وخرج من بين الجيش ولم يشاهده أحد، وأحضر جرة السمن هذه.

Halaman 239