Taman Yang Berbau Harum Mengenai Berita Negara-Negara
الروض المعطار في خبر الأقطار
Editor
إحسان عباس
Penerbit
مؤسسة ناصر للثقافة-بيروت
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٩٨٠ م
Lokasi Penerbit
طبع على مطابع دار السراج
وخراسان (١) تشتمل على كور عظام وأعمال جسام، وكانت خراسان تسمى في القديم بلد أشرنيه سميت بأشورين بن سام بن نوح وهو أول من اعتمر الصقع بعد الطوفان، وحدها الذي يحيط بها من شرقيها سجستان وبلد الهند، وغربها مفازة الغزية ونواحي جرجان، وشمالها ما وراء النهر وشيء من بلاد الترك وجنوبها مفازة فارس وقومس إلى نواحي جبال الديلم مع جرجان وطبرستان والري وما يتصل بها، وكور خراسان وأعمالها التي يتفرق فيها الحكام وأصحاب البرد نيف وثلاثون عملًا.
وفي خراسان كان خروج رافع بن الليث بن نصر بن سيار سنة تسعين ومائة وقتله سليمان بن حميد عامل علي بن عيسى فوجه علي ابنه عيسى بن علي لمحاربته فالتقيا بسمرقند فهزمه رافع، ويقال إنه عد في دراعة عيسى التي كانت عليه يوم الوقيعة عشرون خرقًا من ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بنشاب وإن عيسى قال: من تعرض لهذا عجب في الحياة.
قال القتيبي (٢): يتلو العرب في الشرف أهل خراسان فإنهم لم يزالوا لقاحًا لا يؤدون إلى أحد إتاوة، وكانت ملوك العجم قبل ملوك الطوائف تنزل بلخ ثم نزلوا بابل ثم نزل أزدشير بن بابك فارس فصارت دار ملكهم، وصارت خراسان لملوك الهياطلة، وهم قتلوا فيروز بن يزدجرد بن بهرام ملك فارس، وكان غزاهم فكادوه بمكيدة في طريقه حتى سلك سبيلًا معطشة فخرجوا إليه فأسروه وأكثر أصحابه فأعطاهم موثقًا من الله لا يغزوهم أبدًا ولا يجوز حدودهم، ونصب حجرًا بينه وبين بلدهم وجعله الحد الذي حلف عليه وأشهد الله ومن حضره من قرابته وأساورته فمنوا عليه وأطلقوه، فلما عاد إلى مملكته دخلته الأنفة مما أصابه فعاد لغزوهم ناكثًا لأيمانه غادرًا بذمته، وجعل الحجر الذي نصبه أمامه في مسيره، يتأول أنه ما تقدم الحجر، فلما صار إليهم ناشدوه الله واذكروه ما جعل على نفسه من العهد والذمة، فأبى إلا لجاجًا ونكثًا، فواقعوه فقتلوه وقتلوا حماته واستباحوا عسكره وأسروا ضعفته ثم أعتقوهم، وغبروا بعد ذلك زمانًا طويلًا ثم قتلوا كسرى بن قباذ بن هرمز، وهذا شيء يخبر به أهل فارس من سيرهم.
وبخراسان (٣) اعتدال الهواء وطيب الماء وصحة التربة وعذوبة الثمر وإحكام الصنعة وتمام الخلقة وطول القامة وحسن الوجوه وفراهة المراكب من الخيل والإبل والحمير وجودة السلاح والدروع والثياب. وهم يثخنون في الترك القتل ويأسرونهم وبهم يدفع الله عن المسلمين معرتهم، وهم أشد العدو بأسًا وأغلظهم أكبادًا وأصبرهم على البؤس أنفسًا، وقد جاء في الحديث: " اتركوا الترك ما تركوكم ".
وجاء في خراسان ما لا يعلم جاء مثله إلا في الحرمين والأرض المقدسة، حكوا عن بريدة ﵁ قال، قال رسول الله ﷺ: " يا بريدة ستبعث من بعدي بعوث فكن في بعث خراسان ثم كن في بعث أرض منه يقال لها مرة وإذا أتيتها فانزل مدينتها وصل فيها فإنها بناها ذو القرنين، غزيرة أنهارها تجري بالبركة، على كل نقب منها ملك يدفع عن أهلها السوء إلى يوم القيامة "، فقدمها بريدة ﵁ فمات فيها.
ومن خراسان البرامكة لم يقرب أحد السلطان قربهم ولا أعطي عطاءهم ومنهم القحاطبة وعلي بن هاشم، عبد الله بن طاهر حدث بعض قواده بخراسان أنه فرق في مقام واحد بخراسان ألف ألف دينار، وهذا يكبر أن يملك فكيف أن يوهب. وإذا تدبرت قول رسول الله ﷺ (٤): " لو كان الإيمان معلقًا بالثريا لنالته رجال من أهل فارس " لم تجد مصداق هذا القول في أهل فارس، لأنهم كانوا أعداء الإسلام حتى غلبوا ومزقوا كل ممزق، ولم تجد منهم رجالًا برعوا في العلم ولا عرفوا بحفظ الأثر والتفقه في الدين والاجتهاد والعبادة، وتجد هذه الصفة بعينها في أهل خراسان لأنهم دخلوا في الإسلام رغبة وطوعًا وهم أشد الناس تمسكًا بالدين، فمنهم المحدثون والعلماء والعباد المجتهدون، وكانت خراسان وفارس شيئًا واحدًا لأنهما متحاذيان ومتصلان ولسانهما واحد بالفارسية.
خرم (٥):
موضع بكاظمة، وخرم أيضًا مدينة من مدن بلخ بخراسان وهي آخر المدن الشرقية مما يلي بلخ إلى ناحية التبت، والخرمية هي الطائفة التي تدعى المسلمية القائلة بدعوة أبي مسلم وإمامته، وبابك الخرمي أحد الثوار على المأمون وكان خرج في بلاد أذربيجان
(١) أكثره عن ابن حوقل: ٣٥٨، ٣٦٠ والكرخي: ١٤٥.
(٢) انظر ياقوت: (خراسان) .
(٣) ابن الفقيه: ٣١٦.
(٤) ألم بهذا القول في هذه المادة.
(٥) معجم ما استعجم ٢: ٤٩٣.
1 / 215