Rawd Bayan
روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن
Genre-genre
ثابت الأركان
فالحق لم يخلقه قل لي أم له ... معنى ثبوت عند ربك ثان
وحاصله : إن كان القرآن مخلوقا فلا يخلوا إما أن يكون محل خلقه السموات أو الأرض أو بينهما والكل باطل ، لأن الله قال {وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق } (¬1) والحق هو القرآن وهو مخلوق به لا مخلوق بنفسه .
وجوابه : أما (أولا): فلا يلزمنا تعيين محل خلقه ، ولا يلزم من الجهل بمحل خلقه قدمه ، فكثير من خلق الله تعالى لا ندري أين خلقوا ، فلا يلزمنا قدمهم .
وأما (ثانيا) : فإن قوله تعالى {وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق} ليس فيه دليل على أن الحق المخلوق به هو القرآن ، ولو سلمنا ذلك لما دل على قدم القرآن ، وإنما يدل على أن القرآن مخلوق به يستلزم أن يكون إله للخلق يفعل بها غيرها ويتصرف بها كيف شاء ، ومن كان شأنه كذلك فهو مخلوق .
ومن ذلك قوله في أبيات حاصلها التشبث بقوله تعالى { ألا له الخق والأمر } ووجه تشبثه أنه تعالى عطف الأمر على الخلق ، والأمر هو قوله ، فلو كان الأمر مخلوقا لما ميزه بالذكرى عن الخلق ولكان مكتفيا عن ذكره بعموم الخلق .
وجوابه : أما(أولا) فليس في الآية دليل على المراد بالأمر القول ، بل يحتمل أن يكون غير القول من معاني الأمر ، فإنه يطلق على الفعل ، وعلى الشأن ، وعلى الصفة .
وأما (ثانيا) : فإن عطف الأمر على الخلق ليس في دليل على أن الأمر غير مخلوق ، كيف والخاص يعطف على العام لنكتة كالإعتناء به ، وبيان علو شأنه {من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال} (¬2) ولا نزاع أن جبريل وميكال من جملة الملائكة ومن ذلك ما استدل به وهو ليس بمحل النزاع في قوله :
إن كان مخلوقا بزعمك محدثا ... ... فمن المنادي أيها الثقلان
ومن المخاطب خلقه بثوابهم ... وعقابهم في الخلد والنيران
Halaman 171