Kitab al-Rawabiʿ li-Aflatun
كتاب الروابيع لأفلاطون
Genre-genre
قال أحمد: النامى عند الفلاسفة الحيوان والنبات؛ والجماد الأشياء الميتة الصلدة، وللكل شكل من العلوى ينسب إليه: فنسب ذكران الإنس إلى الشمس ، والإناث إلى القمر؛ ونسبة الدواب والبهائم والطيور الكريمة التى تحسن ألوانها وأجسامها إلى المشترى؛ ونسبة السباع الضارية إلى المريخ؛ ونسبة الوحوش الجبلية وبعض الطيور إلى عطارد؛ ونسبة دواب الماء إلى الزهرة؛ ونسبة الحشرات والهوام وبعض الدواب إلى زحل. وكذلك نسبوا كل جنس من الشجر إلى ما يشاكله ويوافقه؛ واختلفوا فى ذلك وخالف بعضهم بعضا فى النسبة فى جميع الأشياء، أعنى بها النامى والموات، ولكل واحد أصل يعمل عليه لم يخل من بعض الصواب وإن لم يدرك الحق. وقسمت هذه الجواهر أيضا على السيارة: فنسبت بعض الناس الذهب إلى الشمس، ونسبه بعضهم إلى المشترى. فأما الذى نسبه إلى الشمس فذهب إلى أن هذا الجوهر أجل الأجسام الذائبة وأكثر ضياء. وحسنا، وأن الشمس بين الكواكب كالذهب بين سائر الأجساد. وبعضهم نسبه — أعنى الذهب — إلى المشترى: فيقول: إن الشمس ليس من شأنه أن يثبت بل يجذب. والذهب قد خالف الشمس فى الطباع، إذ كان جوهر الشمس حارا يابسا، وجوهر الذهب حارا لينا كطباع المشترى. ونسبوا الفضة إلى القمر، والحديد إلى زحل، والنحاس إلى المريخ، والرصاص إلى الزهرة، والزئبق إلى عطارد. وفى الكل اختلاف كما فى الذهب والشمس، وسأخبر به عند الحاجة إليه. واضطر من نسب الذهب إلى الشمس أن نسب النحاس الأصفر إلى المشترى، وذلك خطأ، لأن صفرة النحاس الأصفر من دخيل خالطه. — وقد أخرجت ذلك بكماله وعلله وتكلمت فيه بالكلام الواضح المستقصى فيما فسرته من كلام فيثاغورس فى كتابه المترجم ب«اسطخس» وهو الأركان. فمن أراد أن يدرك علم ذلك حتى لا يشذ عنه شىء منه فلينظر فى ذلك الكتاب. وقد أخرج فيثاغورس فى ذلك الكتاب رأيا حسنا لطيفا لا يكاد يقف عليه إلا الماهر اللبيب، وذلك أنه نسب الجواهر إلى الأجرام بالحقيقة ثم نظر إلى تأثير كل جرم، أعنى بها الكواكب. ثم طلب الحالات التى تحدث عليها حتى ظهر من أحدهما تأثير الآخر وفعله فعرف علة هذه الحالات والمزاجات وكيفيتها فى الفلك بالحركات والعوارض والانتقالات، فحكم بأن الجوهر السفلى إذا حدث عليه الحدث المشاكل للعلة التى أقامت أحد الكواكب فى هيئة الآخر أنه يقيمه فى هيئة الجوهر المشاكل للكوكب الآخر — المثال: أن الزهرة إذا حلت فى بعض البروج الشريفة والمراكز العالية وقارنت أحد البابانية وحلت بالمحل الذى يوجب أن يؤثر تأثير المشترى فعرف العالم العلل التى أحلت هذا الكوكب، أعنى به الزهرة، بهذا المحل حتى أحاط بكيفيته وماهيته؛ ثم دبر الجوهر المنسوب إلى الزهرة حتى يحدث عليه ما حدث على الزهرة حتى أقامه مقام المشترى، فإن الجوهر المنسوب إلى الزهرة يقوم مقام الجوهر المنسوب إلى المشترى حتى يوازيه فى اللون والهيئة والأثر؛ وذلك على قدر التدبير وكماله. وهذا الفعل والتدبير معتاص من إدراكه، لأنه استدلال بما لا يدرك بالحقيقة على عمل بعيد الغور. وطلبه من غير هذه الجهة أسهل.
قال أفلاطون: وكيان الأرض ككيان الحيوان.
قال أحمد: إن فى تخوم الأرض فى الصفحة العليا القوى المدبرة كالقوة التى فى الحيوان التى يسميها الأطباء «الكيان».
Halaman 218