ومما زادني قناعة ورضى بهذا الكتاب فيما بعد، أن قرأت مقالًا منشورًا في إحدى المجلات الثقافية بعنوان: إحياء تراث السيرة، لأحد الكتاب أيضًا، وله اطلاع واسع بالمخطوطات العربية، وهذا نص ما نقلته من مقالته:
وهذا الكتاب جامع، جاء في آخره: كتب على يد الفقير إلى الله تعالى إسماعيل بن موسى بن علي الجرجاني، ولم يذكر تاريخ كتابته: كان المؤلف مدرس المستنصرية ببغداد كأبيه وجده، ودرَّس أيضًا بالنظامية كأبيه، وكان عالم بغداد، ورئيس العلماء بالمشرق.
وهناك سير عديدة أخرى لا مجال لتعدادها الآن، وبينها ما يوافق مختلف الرغبات، بين مختصر ومتوسط ومفصل، وليس لنا إلا أن ندعو في هذا السبيل إلى أمر يصرف الناس عن النزعات الضالة والمضلة، وأن يميلوا إلى معرفة خير من خدم البشر في الإصلاح والتقوى، وفي الدعوة إلى السلوك المرضي.
وأملنا من المؤسسات الإسلامية في مختلف الأرجاء، الالتفات إلى أمر جليل، وهو إحياء تراث سيرة الرسول ﵊، لتكون قدوة في الإِصلاح، وطريقًا في النهج الحق، ووسيلة لتهذيب الخلق الإسلامي السامي في الفلاح وخير العمل، فإن النفوس في أكثر قد شذت عن الغرض، وصرفت عن المطلوب، وصارت على سِيَر غير محمودة، ولا مرضية، وليس لنا إلا أن نهتم بتحقيق هذه السيرة الجليلة تحقيقًا علميًا، يتيسَّر لكل أحدٍ اقتناؤها، حتى ترجع النفوس عن غيّها، ولنعيد ذكريات الرسول ﵊ في حياته الخاصة والعامة، ولنجعلها قدوة للعمل المشترك لخير الإنسانية.
وأما عن إغفال ذكر المحققين، فمهما كان من سبب، فلا أظن أنه سيشفع لي، لما للمحققين من الحق أن ينسب إليهم ما يقومون به من ضبط وتحقيق وتخريج، كذلك للقارئ حق آخر، وهو الاطلاع على من خدموا في هذا الكتاب السنة المطهرة، وإذا لم يكن العذر مقبولًا على كل حال في هذا عند كثير من الناس، فلا أقل من تبيان الداعي إلى ذلك، وهو أن يبقى هذا العمل خالصًا لله تعالى، وليس فيه مَظِنَّة لشُهْرَةٍ، أو انتفاع بدعاية، والله ولي التوفيق.
النّاشر
1 / 6