Risalah Al-Jahiz
رسائل الجاحظ: وهي رسائل منتقاة من كتب للجاحظ لم تنشر قبل الآن
Genre-genre
صلى الله عليه وسلم ! لأنه لم يقتل بيده إلا رجلا واحدا، ولم يحضر الحرب يوم بدر ولا خالط الصفوف وإنما كان معتزلا عنهم في العريش ومعه أبو بكر. وأنت ترى الرجل الشجاع قد يقتل الأقران ويجندل الأبطال وفوقه من العسكر من لا يقتل ولا يبارز، وهو الرئيس أو ذو الرأي والمستشار في الحرب؛ لأن للرؤساء من الاكتراث والاهتمام وشغل البال والعناية والتفقد ما ليس لغيرهم؛ ولأن الرئيس هو المخصوص بالمطالبة وعليه مدار الأمور وبه يستبصر المقاتل ويستنصر وباسمه ينهزم العدو، ولو لم يكن له إلا أن الجيش لو ثبت وفر هو لم يغن ثبوت الجيش كله وكانت الدبرة عليه، ولو ضيع القوم جميعا وحفظ هو لانتصر وكانت الدولة له؛ ولهذا لا يضاف النصر والهزيمة إلا إليه. ففضل أبي بكر بمقامه في العريش مع رسول الله يوم بدر أعظم من جهاد علي ذلك اليوم وقتله أبطال قريش!
على أن مشي الشجاع بالسيف إلى الأقران ليس على ما توهمه من لا يعلم باطن الأمر؛ لأن معه في حال مشيه إلى الأقران بالسيف أمورا أخرى لا يبصرها الناس وإنما يقضون على ظاهر ما يرون من إقدامه وشجاعته، فربما كان سبب ذلك الهوج، وربما كان الغرارة والحداثة، وربما كان الإحراج والحمية، وربما كان لمحبة النفج والأحدوثة، وربما كان طباعا كطباع القاسي والرحيم والسخي والبخيل!
فصاحب النفس المختارة المعتدلة يكون قتاله طاعة وفراره معصية؛ لأن نفسه معتدلة كالميزان في استقامة لسانه وكفتيه، فإذا لم يكن كذلك كان إقدامه طباعا وفراره طباعا.
ووجه آخر، أن عليا لو كان كما يزعم شيعته، ما كان له بقتل الأقران كبير فضل ولا عظيم طاعة؛ لأنه قد روي عن النبي
صلى الله عليه وسلم
أنه قال: «ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين.» فإذا كان قد وعده بالبقاء بعده فقد وثق بالسلامة من الأقران وعلم أنه منصور عليهم وقاتلهم، فعلى هذا يكون جهاد طلحة والزبير أعظم طاعة منه! ...
ثم قصد الناصرون لعلي والقائلون بتفضيله إلى الأقران الذين قتلهم فأطروهم وغلوا فيهم، وليسوا هناك، فمنهم: عمرو بن عبد ود، زكوه أشجع من عامر بن الطفيل وعتيبة بن الحارس وبسطام بن قيس! وقد سمعنا بأحاديث الفجار وما كان بين قريش ودوس وحلف الفضول، فما سمعنا لعمرو بن عبد ود ذكرا في ذلك!
وقد أكثروا في الوليد بن عتبة بن ربيعة قتيله يوم بدر، وما علمنا الوليد حضر حربا قط قبلها ولا ذكر فيها!
وقد ثبت أبو بكر مع النبي
صلى الله عليه وسلم
Halaman tidak diketahui