وهل توجد مربعات لا نهاية لها، ومكعبات لا نهاية لها، ولا نهايات للانهاية، لا يعد قبل أخيرها شيئا بالنسبة إلى الأخير؟
والحق أن جميع هذا الذي يلوح أول وهلة غاية في مخالفة الصواب، هو مجهود دقة الذهن البشري واتساعه، وهو طريقة اكتشاف الحقائق التي كانت مجهولة حتى ذلك الحين.
وهذا البناء الشامخ قائم حتى على أفكار بسيطة، ويدور الأمر حول قياس خط زاوية المربع، وحيازة مساحة محدودة لمنحن، والفوز بجذر مربع لعدد لا وجود له في علم الحساب العادي.
ومهما يكن من أمر، فإنه لا ينبغي أن تثير الخيال هذه اللانهايات أكثر من القضية المعروفة القائلة: إن من الممكن - دائما - إمرار منحنيات بين دائرة ومماس، أو من القضية القائلة بقابلية المادة للتجزؤ، فقد أثبتت هاتان الحقيقتان منذ زمن طويل، وليس الذهن أكثر فهما لهما من البقية.
وقد وجد من نازع نيوتن اكتشاف هذا الحساب المشهور زمنا طويلا، فعد ليبنتز في ألمانية مكتشفا للتفاوتات التي يدعوها نيوتن بالتفاضلات، وادعى برنولي بحساب التكامل، بيد أن شرف الاكتشاف الأول يرجع إلى نيوتن، وبقي للآخرين فخر إمكان التردد بينه وبينهم.
وهكذا وجد من نازع هارڨي اكتشاف الدورة الدموية، ومن نازع مسيو بيرو اكتشاف الدورة النسغية، ووجد من نازع هرتسوكر وليڨنهوك شرف كونه أول من رأى الحييوينات التي جعلنا منها، ونازع هرتسوكر هذا مسيو هويجن اختراع طريقة جديدة لحساب بعد النجم الثابت، ولم يعرف بعد من هو الفيلسوف الذي وجد مسألة الدولاب.
ومهما يكن من أمر، فإن نيوتن انتهى إلى أعلى المعارف بفضل الهندسة اللانهائية، وبقي علي أن أحدثكم عن أثر آخر يعد أكثر ما يكون في متناول الإنسان، ولكن مع تأثره بتلك الروح الخلاقة التي كان نيوتن يحملها في جميع مباحثه، وذلك هو علم للأزمنة تام الجدة، وذلك أنه كان يرى في كل ما يتصدى له، وجوب تغييره الأفكار التي تلقاها الآخرون.
وهو إذ كان مدربا على الهيوليات، أراد أن يلقي بعض النور على الأقاصيص القديمة التي اختلطت بالتاريخ، وأن يوطد علما للأزمنة غير محقق، والواقع أنك لا تجد أسرة أو مدينة أو أمة لا تحاول إرجاع أصلها إلى تاريخ قديم، وهذا إلى أن المؤرخين الأولين أكثر الناس إهمالا لتعيين الأزمنة، وذلك أن الكتب كانت أقل انتشارا مما هي عليه اليوم ألف مرة، وأنها كانت أقل هدفا للنقد، فكان الناس يخدعون بلا كبير عقاب، وبما أن الوقائع كانت تفترض كما هو واضح، فإن من المحتمل أن كانت الأزمنة تفترض أيضا.
وعلى العموم لاح لنيوتن أن العالم أحدث خمسة قرون مما يروي علماء الأزمنة، فأقام رأيه على المجرى العادي للطبيعة وعلى الرصد الفلكي.
وبمجرى الطبيعة يقصد هنا زمن كل جيل من الناس، وكان المصريون أول من انتفع بهذا النوع غير المحقق في التعداد، وهم عندما أرادوا كتابة أوائل تاريخهم عدوا 341 جيلا منذ منا حتى سيتون، وهم إذ لم يكن عندهم تواريخ ثابتة، قدروا كل ثلاثة أجيال بمائة سنة، وهكذا كانوا يعدون 11340 سنة منذ عهد منا حتى عهد ...
Halaman tidak diketahui