جميع المذاهب الأربعة في سائر الأقطار والأمصار، فلم يحصل منهم انزجار، بل استمروا على ذلك غاية الاستمرار. وأما الصالحون الذين يكرهون ذلك فحاشاهم من ذلك. وبين أهل العلم أن أمثال هذا هو الشرك الأكبر.
وأنت ذكرت في كتابك تقول: يا أخي، ما لنا والله دليل إلا من كلام أهل العلم؛ وأنا أقول: كلام أهل العلم رضى، وأنا أنقله لك، وأنبهك عليه؛ فتفكرْ فيه، وقم لله ساعة ناظرًا ومناظرًا، مع نفسك ومع غيرك. فإن عرفت أن الصواب معي، وأن دين الإسلام اليوم من أغرب الأشياء، أعني دين الإسلام الصرف، الذي لا يمزج بالشرك والبدع، وأما الإسلام الذي ضده الكفر، فلا شك أن أمة محمد ﷺ آخر الأمم، وعليها تقوم الساعة، فإن فهمت أن كلامي هو الحق فاعمل لنفسك.
واعلم أن الأمر عظيم، والخطب جسيم. فإن أشكل عليك شيء، فسفرك إلى المغرب في طلبه غير كثير. واعتبر لنفسك حيث قلت لي فيما مضى: إن هذا هو الحق الذي لا شك فيه، لكن لا نقدر على تغييره، وتكلمت بكلام حسن؛ فلما غربلك الله بولد المويس، ولبس عليك، وكتب لأهل الوشم يستهزئ بالتوحيد، ويزعم أنه بدعة، وأنه خرج من خراسان، ويسب دين الله ورسوله، لم تفطن لجهله وعظم ذنبه، وظننت أن كلامي فيه من باب الانتصار للنفس. وكلامي هذا لا يغيرك، فإن مرادي أن تفهم أن الخطب جسيم، وأن أكابر أهل العلم يتعلمون هذا ويغلطون فيه، فضلًا عنا وعن أمثالنا. فلعله إن أشكل عليك تواجهني؛ هذا إن عرفت أنه حق وإن كنت إذا نقلت لك عبارات العلماء، عرفتَ أني لم أفهم معناها، وأن الذي نقلتُ لك كلامهم أخطؤوا، وأنهم خالفهم أحد من أهل العلم، فنبهني على الحق، وأرجع إليه إن شاء الله تعالى.
1 / 66