[1] نسخة السجل الذي وجد معلقا على المشاهد في غيبة مولانا الامام الحاكم.
بسم الله الرحمن الرحيم. والعاقبة لمن تيقظ من وسن الغافلين، وانتقل عن جهل الجاهلين، واخلص منه اليقين، فبادر بالتوبة إلى اله تعالى وإلى وليه وحجته على العالمين، وخليفته في أرضه وأمينه على خلقه آمير المؤمنين، واغتنم الفوز مع المتطهرين والمتقين، ولم يكذب بيوم الدين، وكان بالغيب من المسدقين به والموقنين، واعتقد ان الساعة آتية بغتة لا ريب فيها، وان الله لا يضيع أجر المحسنين، ولا عدوان إلا على الظالمين، المردة الشياطين ، الفسقة المارقين، وكل حلاف1 مهين، الناكثين الباغيين، المفسدين الطاغيين، أهل الخلاف والمنافقين، المكذبين بيوم الدين، المغضوب عليهم والضالين. والحمد لله حمد الشاكرين، حمدا لا نفاد لآخره أبد الآبدين. وصلى الله على سيد المرسلين، محمد المبعوث بالقرآن2 إلى الخلق أجمعين، ومبشرا ونذيرا بأئمة من ذريته هاديين مهديين، كرام كاتبين، شهداء على العالمين، ليبينوا للناس ما هم فيه مختلفون، وعنه يتساءلون، ويرشدونهم إلى النبأ العظيم، والصراط المستقيم، سلام الله السني السامي عليهم إلى يوم الدين.
اما بعد. أيها الناس فقد سبق إليكم من الوعد والوعظ والوعيد، من ولي أمركم، وإمام عصركم، وخلف أنبيائكم، وحجة باريكم، وخليفته الشاهد عليكم بموبقاتكم، وجميع ما اقترفتم فيه من الإعذار والإنذار ما فيه بلاغ لمن سمع واطاع واهتدى، وجاهد نفسه عن الهوى، واثر
Halaman 461
============================================================
الآخرة على الدنيا. وأنتم مع ذلك في وادي الجهالة تسبحون ، وفي تيه الضلالة تخوضون وتلعبون، حتى تلاقوا يومكم الذي كنتم به توعدون.
كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون، كلا لو تعلمون علم اليقين" وقد علمتم معشر الكافة ان جميع ما ورثه الله تعالى لوليه وخليفته في أرضه أمير المؤمنين سلام الله عليه ، من النعم الظاهرة والباطنة ، قد خول إمام عصركم لشريفكم ومشروفكم من خاصتكم وعامتكم، من ظاهر ذلك وباطنه على الاكثار و الإمكان بفضله وكرمه ، حسبما راى سلام الله عليه، ولم يبخل بجزيل عطائه، وهنأكم منة منه مع ذلك ما وجبه الله تعالى له عليكم في كتابه من الحق فيما ملكته أيمانكم ، ولم يشارككم في شيء من أحوال هذه الدنيا نزاهة عنها، ورفضا منه لها على مقداره ومكنته، لأمر سبق في حكمته، وهو سلام الله عليه أعلم به. فاصبحتم وقد حزتم من فضله وجزيل عطائه ما لم ينل مثله بشر من الماضيين من اسلافكم، ولا ادرك قوة أنبأه منه أحد من الأمم الذين خلوا من قبلكم، من المهاجرين والأنصار، في متقدم الأزمان والأعصار ولم تنالوا ذلك من ولي الله باستحقاق، ولا بعمل عامل منكم من ذكر بل منة منه عليكم، ولطفأ بكم، ورأفة ورحمة واختبارا ، ليبلوكم أيكم أحسن عملا" [7/11] ولتعرفوا قدر ما خصصكم به في عصره من نعمته، وحسن منته، وجميل لطفه وعظم1 فضله واحسانه، دون من قد سلف من قبلكم.
Halaman 462
============================================================
فاشكروا الله ووليه كثيرا على ما خولكم من فضله . ولعلكم تشكرون وتعملون عملا يرضي ويضاهي أعمال الأمم السالفين اضعافا حب ما ضاعفه لكم ولي الله في عصره من نعمه الظاهرة الجيلة من القتاطير النطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام" [14/3]، إلى غير ذلك من الأزاق والاقطاع والضياع، وغيره من أغراض" الدنيا على اختلاف أصناف إحسانه. ورقا خاصتكم وعامتكم إلى الدرجات العالية، والرتب السانية ، لتقفوا مسالك أولى الألباب، وأمركم وشرفكم باحل الالقاب ، وموزلكم هي الارص مغرقا ومديا، و سهل ريجبلد وبرا وبحرا، فأنتم ملوكها وسلاطينها وجباة أموالها ، تفك لكم بمادة ولي اله الرقاب ، وتقاد إليكم الوقود والأحزاب ب"وان تغثوأ يغنة الله لا تحصوها" [34/14]. فعشتم في فضل أمير المؤمنين سلام الله عليه رغدا بغير عمل و ترجون من بعد ذلك حسن ماب: و من نعمه الباطنة عليكم تمسككم في ظاهر أمركم بموالاته تعتزون بها ي دياتكم، وترجون بها مجانكم والضوز فجر آخركم) فقد تمتود على الله وعلى وليه بايمانكم ، فابل الله يمن عليكم أن هذاكم" [44) 17 إلى الإيمان، فأنتم متظاهرون بالطاعة، متمسكون بالمعصية، ولو استقمتم على الطريقة الوسطى لأسقيتم مآء غدقا. ثم من نعمه الباطة عليكم إحيأوه لسنن الإسلام والامان، التي هي الدين عند الله، وبه شرفتم و طهرتم في عصره على جميع المذاهب والأديان، وميزكم من اعبدة الأوثان، وابانهم عنكم بالزلة3 والحرمان، وهدم كنائسهم ومعالم أديانهم ، وقد كانت قديمة من قدم الأزمان، وانقادت الذمة إليكم طوعا
Halaman 463
============================================================
وكرها، فدخلوا في دين الله أفواجا، وبنى الجوامع وشيدها، وعمر الساجد وزخرفها، واقام الصلاة في اوقاتها، والزكاة في حقها واجباتها، واقام الحج والجهاد، وعمر بيت الله الحرام، واقام دعائم اسلام، وفتح بيوت أمواله، وانفق في سبيله، وخفر الحاج بعساكره، وحفر الآبار، وامن السبيل والاقطار، وعمر السقايات، واخرج على الكافة السدقات، وستر العورات، وترك الظلامات، ورفع عن خاصتكم و عامتكم الرسوم الواجبات، التي جعلها الله تعالى له عليكم من الافترضات، وقسم الأرض على الكافة شبرا شبرا، وداولها بين الناس الاحيانا ودهرا، وفتح لكم أبواب دعوته، وايدكم بما خصه9 الله من كمته، ليهديكم بها إلى رحمته، ويحشكم بها على طاعته، وطاعة رسوله وأوليائه عليهم السلام، لتبلغوا مبالغ الصالحين.
ف شنئتم العلم والحكمة، وكفرتم الفضل والنعمة، ونبذتم ذلك وراء ظهوركم، واثرتم عليه الدنيا كما آثروه قبلكم بنو إسرائيل في قصة موسى عليه السلام، فلم يجبركم ولي الله عليه السلام، وغلق باب دعوته، واظهر لكم الحكمة، وفتح لكم خارج قصره دار علم حوت من جميع علوم الدين وادابه، وفقه الكتاب في الحلال والحرام، والقضايا والأحكام، مما هو في صحف الأولين، صحف إبرهيم وموسى صلى ال عليهم أجمعين، وامدكم بالأوراق والأرزاق والحبر والأقلام ، لتدركوا بذلك ما تحظون10 به وتستبصرون، وبه من الجهل تفوزون. وقد كنتم من قبل ذلك في طلب بعضه تجهدون، فرفضتموه وقصرتم و عن جميعه ااعرضتم اعراض المضلين، ولم يزدكم ذلك إلا فرارا، ومال بكم الهوى
Halaman 464
============================================================
الى الموبقات، ومكنتم من اكتساب السيئات، ورفضتم العلم واظهرتم الجهل، وكثر بغيكم ومرحكم على الأرض حتى كاد لها ان تضج إلى تعالى فيكم من كثرة جوركم ومرحكم عليها. وولي الله سلام اله عليه مكافح لها فيكم رجاء ان تتيقظ خاصتكم، أو تستفيق من السكر و الجهل عامتكم، فما ازددتم إلا طغيانا وعصيانا واختلافا، تتناجون بالإفك "والعدوان ومعصية الرسول" [8/58] .
وعدو الله وعدو آمير المؤمنين قد قصر عن الفساد يده مخافة من سطوات ولي الله ورضي منه بالمسالمة والمهادنة، حتى ليس لأمير المؤمنين سلام الله عليه عدو يجاهده، ولا ضد يعانده، والكل من ديبته خائف وجل. وانتم معشر الخاص والعام بحضرته، تضمكم دولته، وتشملكم ولايته وتلزمكم طاعته، وأنتم مع ما تقدم ذكره من تعديد مساويكم متحادقون متعاندون متزاحفون، يجاهد بعضكم بعضا كالروم والخنز جراة على الله بغير مخافة منه ولا ترقب، ولا ينهاكم عن سفك الدماء وهمتك الحريم دين11 من الله ولا وقار من إمامكم ولا يقين12. قد غلب عليكم الجهل، فلن ترجوا "لله وقارا" [13/71]، ولن تقولوا ان إمام عصركم واحد، وان الإسلام والإيمان قد شملكم وجمعكم تحت طاع اله وطاعة رسوله ووليه أمير المؤمنين سلام الله عليه. ف "إنا لله وإنا إليه راجعون" [156/2]. فاي نازلة هي أكبر منها، واي شماتة للعدو ويلكم اعظم من مثلها. لقد اصبتم معشر الناس في أنفسكم وأديانكم واصيب يكم ولي الله أمير المؤمنين سلام الله عليه ، فلا حول ولا قوة إلا بال العلي العظيم. أفامنتم ايها الغافلون "أن يصيبكم ما أصاب" [89/11].
Halaman 477
============================================================
من كان قبلكم من "أصحاب الأيكة وقوم تبع" [14/50]. آلم تسمعوا قول الله تعالى : "أ لم تركيف فقل ريلك يعاد إرم ذات العماد" [89] 6-7]، " الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، فصب عليهم يك سؤط عذاب إن ريك لبالمزصاد" [11/89-14]، وقوله تعالى: لم ثهلك الأولين ثم نتبعهم الأخرين، كذلك نفعل بالمجرمين" [77) 16-18]، ومثل هذا كثير في كتاب الله عز و جل مما اصاب آهل العناد والخلاف والمنافقين والمفسدين في الأرض: قد غضب الله تعالى ووليه أمير المؤمنين سلام الله عليه من عظم اسراف الكافة أجمعين، ولذلك خرج من أوساطكم. قال الله ذو الجلال والإكرام: "وما كان الله" يعذبهم "و أنت فيهم" [33/8]، وعلامة سخط ولي الله تدل على سخط الرب تبارك وتعالى. فمن دلائل غضب الامام غلق باب دعوته و رفع مجالس حكمته، ونقل جميع دواوين آوليائه وعبيده من قصره، ومنعه عن الكافة سلامه وقد كان يخرج إليهم من حضرته، ومنعه لهم عن الجلوس على مصاطب سقائف احرمه، وامتناعه عن الصلاة بهم في الاعياد وفي شهر رمضان، ومنعه الالمأذنين ان يسلموا عليه وقت الآذان ولا يذكرونه ، ومنعه جميع الناس ان يقولوا مولانا ولا يقبلوا له التراب، وذلك مفترض له على جميع أهل طاعته، وانهاؤه جميعهم عن الترجل له من ظهور الدواب، ثم لباسه الصوف على أصناف ألوانه وركوبه الأتان ، ومنعه أولياءه وعبيده الركوب امعه حسب العادة في موكبه، وامتناعه إقامة الحدود على اهل عضره، أشياء كثيرة خفيت عن العالم. و "فم" عن جميع ذلك "في غمرة ساهون" [11/51]، "استخوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون" [19/58]. فقد
Halaman 466
============================================================
ترك ولي الله أمير المؤمنين سلام الله عليه الخلق أجمعين سدى، يخوضون13 ويلعبون14 في التيه والعمى، الذي آثروه على الهدى، كما رك موسى قومه حتى آن الهلاك ان يهجم عليهم وهم لا يعلمون، وخرج عنهم وهم في شك منه مختلفون، مذبذبون "بين ذلك لا الى" [143/4] الحق يطيعون، ولا إلى ولي الله يرجعون. قال الله عالى: "و لو ردوه إلى" الله و "الرسول و أولي الأمر منهم، لعلمه اذين يستنيطونه منهم" [83/4] .
ايها الناس كلام الله تعالى أوعظ واعظ وبين منه وعظكم بهذ الوعظة من الفقر والحاجة إلى عفو الله تعالى وعفو وليه آمير المؤمنين سلام الله عليه أعظم منكم. فبالنسيان تكون الغفلة، وبالغفلة تكون افتنة، وبالفتنة تكون الهلكة. وقد قال الله تبارك وتعالى: "ولو آنهم إذ ظلموأ أنفسهم جأؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله" غفورا "رحيما" [64/4]. وقال عز من قائل: "إلأ من تاب و أمن وعمل عملا صالحا" [70/25]، "إن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين" 222/2]. وقال الله تبارك وتعالى ف "إذا سألك عبادي عني فإني ريب أجيب دغوة الداع إذا دعاني" [186/2] .
فالبدار البدار معشر الناس ان وقفتم على براح من الأرض يكون اول طريق سلكها أمير المؤمنين سلام الله عليه وقت ان استتر نضو اعينكم. وتجتمعوا فيها بأنفسكم وأولادكم وطهروا قلوبكم، واخلصوا ياتكم، لله رب العالمين، وتوبوا إليه توبة نصوحا، و توسلوا إليه بأوجه السائل، بالصفح عنكم والمغفرة لكم، وان يرحمكم بعودة وليه إليكم
Halaman 467
============================================================
ويعطف بقلبه عليكم. فهو رحمة عليكم وعلى جميع خلقه، كما قال بارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وعلى آله : "وما أرسلناك إلا رحمة لالميين" [107/21]. فالحذر الحذر ان يقفوا أحد منكم لأمير المؤمنين سلام الله عليه أثرا، ولا تكشفوا له خبرا، ولا تبرحوا في أول طريق ي توسل جميعكم كذلك أراؤناه1 . فإذا اطلت عليكم الرحمة خرج ولي اله إمامكم باختياره راضيا عنكم، ظاهرا في أوساطكم. فواظبوا على ذ لك ليلا ونهارا قبل ان تحق الحاقة، وتقرع القارعة، ويغلق باب الحمة، وتحل بأهل الخلاف والعناد النقمة. وقد اعذر من انذر، ونصح من قبلكم نفسه وحذر، والخطاب لأولى الألباب منكم والتعيين عليهم والمشيئة لله تبارك وتعالى والتوفيق به، والسلام على من اتبع الهدى، ل وخشي عواقب الردى، وسدق بكلمات ربه الحسنى.
وكتب مولى دولة آمير المؤمنين سلام الله عليه في شهر ذي القعدة سنة أحدى عشرة وأربع مائة. وصلى الله على محمد سيد المرسلين وخاتم البين، وسلم على آله الطاهرين، و "حسبنا الله ونعم الوكيل" [13 173. تحتفظ آصحاب العمل بهذه الموعظة من المتقين ولا يمنع آحد من نسخها وقرآءتها. نفع الله من وقق للعمل بما فيها من طاعة الله وطاعة وليه آمير المؤمنين سلام الله عليه. حرام حرام على من لا ينسخها ويقرأها على التوابين في جامع أسفل، وحرام حرام على من قدر على نسخها وقصر، والحمد لله وحده.
Halaman 468
============================================================
[2] السجل المنهي فيه عن الخمر
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي اعز الاسلام بأوليائه المتقين، و خص حدوده لمن استحفظه من آئمة دينه وأمنائه الميامين، وصلى الله على جدنا محمد خاتم النبيين، وسيد المرسلين، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين.
ان أمير المؤمنين، بما قلده الله ووجل إليه من أمور الدين و الدنيا ، وجعل كلمته فيها السامية العليا، مصروف الهمة والراي والروية، إلى الحاماة عنهما، والمراعاة لنفي خلل يدخل فيهما، والرغبة في إعلاء معالمهما، والتوفر على ما شيد دعائمهما، والايثار لما حفط نظامهما، والعناية بما صار من التغيير والانتقاض لكمالهما وتمامهما. والله جل وعز معين امير المؤمنين على ما يرضيه، وموفقه لما يزلفه عنده ويحظيه، بمنه وقدرته.
ان أحسن الأمور عائدة على الإسلام والمسلمين، وأجمعهم إصلاحا ي حراسة أصول الدين، نهي الكافة عن الإلمام بالمسكر واستحسان ماكر من الاصرار على المسكر الذي هو مجمع السيئات، و القائد إلى بائح الأفعال والسوءات. وقد امر أمير المؤمنين وبالله توفيقه، بكتب هذا لنشور ليقرأ على الخاص والعام من الأولياء والرعية، بالنهي عن التعرض شرب شيء من المسكر على اختلاف أصنافه وأسمائه وألوانه وطعومه، وكل شراب متأول فيه مما يسكر قليله وكثيره، وترك التعرض لشرب والاقوال والفتاوى، والنهي عما يتمسك به الرعاع من التأويلات والدعاوى. فإن آمير المؤمنين قد حضرا ذلك جملة واخبره، ونهي عن
Halaman 469
============================================================
السكر واقتنائه وادخاره، والتعرض لعمله واعتصاره، حتى تطهر الممالك من سوء آثاره. وجعل ذلك أمانة في أعناق المخلصين من أوليائه ، وبيعة2 عند أهل طاعته ونصحائه، ووكل إليهم الفحص عنه وانهاء ما يقفون عليه من أمره. وبرأ أمير المؤمنين إلى الله عز وجل من تبعة ذلك وغائلته عاجلا وآجلا. فيعلم ذلك من أمير المؤمنين، ويعمل عليه سائر الأولياء والمؤمنين، ومن شملته دعوة الحق من كافة الناس أجمعين، وليسارعوا لامتثاله، والحذر من تجاوزه. فقد قرب أمير المؤمنين بأعداء المرسوم آليم العقاب والتنكل، وقبيح النكلة والتبدل. والله حسب آمير المؤمنين ونعم الوكيل.
وكتب في شهر ذي القعدة سنة آربعمائة. والحمد لله وحده، وصلواته عاى رسوله خاتم النبيين واله الطاهرين، وسلامه.
Halaman 470
============================================================
[3] خبر اليهود والنصارى
وسؤالهم لمولانا الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن شيء من أمر دينهم باعتراض اعترضوه فيه وإنكار انكروه عليه، والجواب على ذلك بما اختصمهم من القول واسكتهم و انصرفوا امقهورين. والحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم. حدث من وتق به وسكن إلى قوله مع اشهار الحديث في ذلك الوقت ، انه حضر في موقف من مواقف الدهر وصاحب العصر، مولانا الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين سلام الله عليه، إذ وقف بين يديه بالقرافة في مقابرا تعرف بقباب الطير، نف سلموا عليه، فوقف عليهم حسب ما كان يقف على من سلم عليه.
فذكروا انهم من اهل الذمة، وان لهم حاجة، وانهم يهود ونصارى.
فقال عليه السلام: قولوا حاجتكم. فقالوا: نسأل حاجتنا إذ آمنتنا على نوسنا. فقال : ان طلبة الحوائج لا تحتاج إلى أمان. فقالوا: هي حاجة صعبة وسؤال عظيم. فقال عليه السلام: اسألوا فيما عسى ان تسألوا، ولو كان في الملك. فقالوا؟: يا أمير المؤمنين ما هو شيء يتعلق بأمر الدنيا، وإنما هو شيء يتعلق بأمر الدين، وخطر عظيم. فإن آمنتنا على أفسنا3 ذكرناه وسألناك عنه، وإن لم تؤمناء سألناك العفو وانصرفا امنين، فعدلك وأمنك قد ملا الغرب والشرق، وعطاؤك وجودك قد غمرا جميع الخلق. قال عليه السلام : اسألوا عما اردتم، وأنتم آمنون بأمان
Halaman 471
============================================================
ال تعالى وأمان جدنا محمد، وأماننا لا منكوث عليكم في ذلك ولا م تأؤل. قالوا: يا أمير المؤمنين ان الذي نسألك عنه خطر عظيم، وآمر جسيم، وأنت صاحب السيف والملك، ولا نشك في أمانك، ولكننا خشى من سفهاء الأمة. قال عليه السلام : قولوا وأنتم آمنون من جمي اناس والأمة. قالوا: يا أمير المؤمنين، آنت تعلم ان صاحب الشريعة الذي هو محمد ابن عبد الله، الرسول المبعوث إلى العرب الذي لهجرته كذا وكذا سنة - وذكروا عدد السنين التي لهجرته إلى تلك السنة التي خاطبوه فيها - انه، حين بعث إلى العرب وجاهد سائر الآمم، لم يسمنا الدلخول في شريعته إلا إن اخترنا ذلك بلا إكراه أو أداء الجزية، ولم يكلفنا إلا هذا. وكذلك كل واحد من آئمة دينه، وخلفاء مذهبه، و فقهي شريعته، لم يسمنا ما سمتنا آنت إياه من هدم بيعنا وآديارنا و مزيق كتبنا المنزلة على رسلنا من عند ربنا، فيها حكمة بالحلال والحرام والقصاص، حتى انك ابحت التوراة والإنجيل يشد فيها الدلوك والصابون، وتباع في الأسواق بسعر القراطيس الفارغة. وقد اخبر صاحب الملة والشريعة عن ربه، فيما نزل عليه ان التوراة فيها حكمة ال. ثم انه ذكر في غير موضع في الكتاب المنزل عليه تفخيم آمر رسلنا والأفاضل من تباعهم، مثل ما هو موجود في كتبنا. واكثر القرآن المنزل عليه فيه ذكر موسى وعيسى ويوشع وإسمعيل وإسحق ويعقوب ويوسف و وكرياء ويحنا، وهؤلاء كلهم أنبياؤنا وأئمة شرائعنا، ومثل ما ذكروا افضلاء منا، مثل بقايا موسى وحواري عيسى، وما حكاه أيضا في الكتاب المنزل عليه من تفضيل قسسنا ورهباننا، بقوله ان فيهم قسسا وهبانا، "و إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول" تفيض "آعينهم بالدمع مما عرفوا من الحق" [83/5]. ولو استقصينا كلما جاء في الكتاب المنزل
Halaman 472
============================================================
عليه من تفضيل رسلنا وتفخيم كتبنا، لكان أكثر ما نزل عليه في هذا لعنى. ثم قد كان من خلفاء الملة وأئمة الشريعة من المحمودين آبائك والمذمومين أعدائهم وأعدائك، مثل بني أمية وبني العباس ممن عتا في أرض، وملكها طولا وعرضا، مع اتساع ملكهم ، وعظم سلطانهم وكان يخطب لهم في كل بقعة بلغت إليها دعوة رسولهم، وصاحب ريعتهم، ولم يحدثوا علينا رسما، ولا نقضوا لنا شرطا، اقتداء منهم صاحب ملتهم وشريعتهم، ولعلمهم بتفضيل رسلنا، وتعظيم كتبنا، وملتنا وشريعتنا المذكورة على لسان نبيهم. فمن أين جاز لك أنت يا أمير الممنين ان تتعدى حكم صاحب الملة والشريعة، وفعل الخلفاء والأئمة الذين ملكوا قبلك البلاد والأمة؟ وليس أنت صاحب الشريعة، بل أنت احدى ائمة صاحب الشريعة وإحدى خلفائه، والقائم في شريعته، تممها وتشد أركانها وبنيانها. وبذلك نطقت في كلامك في غير موضع من مواقفك التي خاطبت بها، واشهر ذلك عنك أقرب الناس إليك من اا وليائك، وأنت تفعل معنا ما لم يفعله الناطق معنا، ولا أحد من أئمته وخلفائه كما ذكرناه. وهذه حاجتنا التي سألناها، وأمرنا الذي قصدناه، وطلبنا الأمان عليه، ونريد الجواب عنهه. فإن يكن حقا وعدلا آمنا به وسدقناه، وإن يكن متعلقا بالملك والدولة والسلطان بقينا على أدياننا، غير شاكين في مذاهبنا، وازلنا الشبهة عن7 قلوب المستضعفين من أهل م لتنا. وما جئناك إلا مستفهمين غير شاكين في عدلك ورحمتك وإنصافك، وعلى هذا اخذنا أمانك، وقد قلنا الذي عندنا، واخرجناه من أعناقنا، كما تقتضيه أدياننا، والأمر إليك. فإن تقل لنا سمعنا واطعنا
Halaman 473
============================================================
واجبنا، وإن اذنت لنا ولم تقل، انصرفنا ونحن آمنون بأمانك الذي آمنتنا.
قال عليه السلام: أما الأمان فباق عليكم، وأما سؤالكم فما سألتم الا عما يجب لمثلكم ان يسأل عن مثله، وأما نحن فنجيبكم إن شاء ال. ولكن امضوا وعودوا إلى هاهنا ليلة غدا، وليأت كل واحد منكم يعني من اليهود والنصارى، بأفقه من يقدر عليه من آهل ملته في هذا البلد ليكون الجواب لهم والكلام معهم: ولما كان في ليلة غد حضروا القوم في المكان بعينه و وقفوا وسلموا و قالوا: قد اتينا بمن طلبه أمير المؤمنين منا، وقدموا أحد عشر رجلا ومن قبل سبعة. فقال لهم آمير المؤمنين صلوات الله عليه : لهؤلاء اخترتم ولهم قدمتم؟ قالوا بأجمعهم: نعم، يا أمير المؤمنين. قال للنفر: وأنتم ر ضيتم ان تكونوا متكلمين عن أهل ملتكم نائبين عنهم؟ قالوا: نعم.
قال: فهل تعلموا في هذه البلدة من أهل ملتكم من هو أفقه منكم قالوا: لا. قال عليه السلام: وأنتم تحفظون التوراة والانجيل وأخبار الأنبياء؟ قالوا: نعم. قال عليه السلام: عارفون بمبعث صاحب الشريعة الذي آنا قائم بملته، وذاب عن شريعته وسيرته واخباره، وما جرى بينه وبين رؤساء ملتكم ومتقدميكم من اليهود والنصارى من الجدل والمسائل والاحتجاجات، ومن سلم لأمره منهم ومن لم يسلم من مبعثه إلى حين وفاته؟ قالوا: لم نحط بذلك كله، بل احطنا بأكثره مما يلزمنا حفظه وعلمه مما جرى بينه وبين علمائنا، تصحيحا لمذهبنا وشريعتنا، وذلك عندنا محفوظ مدون مكتوب تتوارثه أحبارنا، وأحبار عن الآولين من بلنا، حتى وصل ذلك إلينا، ويتصل ذلك بغيرنا، كما وصل إلينا، إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها. قال عليه السلام : ان أصحابكم
Halaman 474
============================================================
سالوني البارحة عن سؤال بعد ان اخذوا آماني على نفوسهم، واوعدتهم ان اجيبهم عن سؤالهم، إذا حضروا علماؤهم. وقد حضرتم واعترفوا لكم بالعلم والفضل، و سدقتموهم آنتم على ذلك واعترفتم عندي به ، لما لت لكم : أ تعرفون في هذه البلدة من هو أعلم منكم من أهل ملتكم باخبار صاحب شريعة الاسلام ونسبه وشيعته وعلمه وشريعته، قلتم : لا وا اسألكم، وفي آخر السؤال اجيبكم واخبركم بما سألوني عنه اصحابكم، وأماني فباق عليكم وعليهم، على شرط وهو اني كلما سالتكم عن شيء يقتضيه مذهبكم وشريعتكم ومذهب صاحب ملة اسلام وشريعته، فتجيبوني عنه بما هو مأثور في كتبكم المنزلة على ابيائكم، ومدون في كتب رؤسائكم وعلمائكم وأحباركم ، وما لم يكن عندكم، ولا تعرفونه، ولا تؤثرونه في كتاب منزل ولا قول حكيم مرسل.
فردوه علي وادفعوه بحججكم التي عسى ان تدفعوا بها سواي، وما عرفتموه وما تفهمتموه فلا تنكروني إياه لقيام الحجة عليكم به وفيه.
قالوا: نعم. قال لهم: إن سدقتم فأماني يعمكم، وإن كذبتم انفسخ اماي عنكم وعاقبتكم، وكانت عقوبتكم جزاء لكذبكم. أ رضيتم قالوا: نعم قال: أ بلغكم انه لما كان في كذا وكذا من هجرة الرسول، صاحب شريعة الإسلام، اتاه رؤساء شريعتكم وعلماؤكم من الملتين اليهود والنصارى، وهم فلان وفلان وفلان؟ وسمى لهم رجالا من آحبارهم ورهبانهم وامسك. فقالوا: نعم، يا آمير المؤمنين، وفلان وفلان وفلان3 .
وسموا له بقية أسماءه الرجال10 حتى اتوا على آخرهم. قال عليه
Halaman 475
============================================================
السلام: قد صح عندي، انكم سدقتم لما تممتم أسماء الرجال الباقيين اذين بدأت أنا بذكرهم. أ في ذلك عندكم شك تشكون فيه أو ريبة رتابون بهام قالوا: لا. قال لهم: لما استحضرهم ما قال لهم؟ قالوا: يقول آمير المؤمنين، فمنه القول ونحن سامعون، فما عرفناه اقررنا به وسلمنا فيه ، وما لم نعرفه ولم يكن مأثورا عندنا ذكرناه لأمير المؤمنين.
قال عليه السلام : قال لهم صاحب الملة والشريعة : أ لم تكونوا منتظرين اماني، متوقعين لشخصي، وترجون الفرج مع ظهوري؟ فلما ان ظهرت يكم واعلنت دعوتي، وشهرت آمر ربي، كذبتموني وجحدتموني وافقتم علي، فطائفة منكم قاتلوني، وطائفة منكم رحلوا من جواري حسدا لي وبغضة حسب ما تفعله الأمم الباغية في الأزمان المتقدمة ، إذا ظهر مثلي سنة استنها الظالمون، أولهم إبليس اللعين، مع آدم الكريم.
فهل كان ذلك منه إليهم؟ قالوا: نعم. قال : فإذا علمتم ان ذلك قد كان منه، فما كان جوابهم له عن ذلك بعد استماعهم كلامه؟ قالوا قد قلنا: أولى لأمير المؤمنين ان يقول، ولنا ان نسمع، ونحن محمولون على الشرط الأول الذي شرطه أمير المؤمنين علينا. أما ما عرفناه اقررنا به ، وما لم نعرفه انكرناه، فنربح في ذلك سلامة أدياننا بالتسديق بالحق وسلامة أنفسنا من القتل بالتزام الشرط. قال لهم آمير المؤمنين عليه السلام: كان جوابهم انهم قالوا: ما أنت الذي كنا منتظرين لزمانه متوقعين لشخصه، ولا الذي نرجو الفرج مع ظهوره. قال لهم: ما د ليلكم على صحة ذلك اني ما أنا هو؟ قالوا: ما هو مأثور عندنا وموجود في كتبنا، وبشرت به أنبياؤنا لأممهم. قال لهم: ما هو بينوه قالوا: ثلاث خصال، آحدها: ليس اسمه كاسمك، وقد نطق بذلك سانك في نبوتك، وجهرت11 به لأصحابك، وجعلت ذلك فضيلة
Halaman 476
============================================================
لك فمنه اخذناك لما قلت ما حكيته عن المسيح، "ومبشرا برسول يأتي من بغدي اسمه أحمد" [6/61]، يحلل لكم "الطيبات ويحرم" عليكم االخبائث ويضع" عنكم ضركم "والأغلال التي كانت" [157/7] عليكم. فهو كما قلنا ما أنت المسمى إذ اسمك محمد، والذي بشرت به باتفاق منا و منك اسمه أحمد. والثانية : مدته قد بقي لها12 آربع مائة سنة من يوم مبعنك إلى حين ظهور هذا المنتظر، فقد خالفته ايضا في الاسم والمدة. والثالثة : المنتظر إنما يدعو إلى توحيد ريه بلا تعطيل ولا تشبيه ولا كلفة تلحق نفوسنا، حسب ما ذكرته في تنزيلك من تحليل الطيبات، وتحريم الخبائث، ووضعه عنا ضرنا والأغلال التي كانت علينا.
اي حجة بقيت لك علينا، وليس اسمك اسم من ينتظر بقولك، ولا فعلك فعله، ولا المدة مدته؟ فقد خالفته كما قلنا في الاسم والمدق والفعل. وإذا كنت إنما تدعونا إلى شريعة فبقاؤنا13 في شريعتنا آثر وخير نا. وصفة المنتظر عندنا رفع التكليفيات وانقضاء الشرور ورفع المصائب والشكوك، وان لا يتجاوزه في عصره كافر ولا منافق، وأنت أكثر صحابك يظهرون النفاق عليك، و إنما بغلبة سيفك عليهم سلموا أامرك. وإذا كان ذلك كذلك فلم تلومنا على قتالك وتناقلنا على طاعتك والدخول في شريعتك؟ ثم قال لهم آمير المؤمنين عليه السلام : أ كذا كان؟ قالوا: نعم كذلك كان وكل قولك حق وسدق. قال : فما كان جوابه لهم عن هذا الكلام؟ قالوا: يقول آمير المؤمنين حسب ما جرت به العادة، ونسمع ونعترف بالجواب إذا علمناه، وننكره إذا جهلناه. قال لهم عليه السلام: أما إذا عرفتم ذلك وعلمتموه فلا شك انكم تعرفون
Halaman 477
============================================================
صفة الحال كما جرت إن شاء الله. ثم قال آمير المؤمنين عليه السلام: كان جوابه لهم، لا اقاتلكم على الدخول في ملتي، ولتكذبيني والصدوف عن آمري، لأنكم أصحاب شرايع وكتب ومتمسكون بآمرها اطقون، وليس اقاتل من هذه صفته، ولا أنا رافع الشرائع، ولا ذلك
كله إلي، بل كلما ملكت بلدأ بسيفي ممن فيه عبدة الأوثان والتناذر لي ان الزمهم الدخول في ملتي واقتلهم . ومن كان في البلدة منكم اعرضت عليه إما الدخول في ملتي، واتباع أمري وشريعتي، أو أداء الجزية. فإذا كره الوطن الذي ملكته، وبسيفي فتحته، فمن وزن الجزية امنهم4 اقررته في مكانه، ومن انتقل عني تركته، ومن قاتلني منهم على مثل ذلك قاتلته، وانتظرت فيكم حكم ربي. قالوا: لك ذلك فما لت إلا حتا، ولا نرى منك إلا سدقا. قال لهم : إذا استقر ذلك بيني وبينكم وقد تأولتم على ودفعتم منزلتي وفضلي الذي قد اتاني من عند اري، وزعمتم ان الذي تنتظرونه، له اسم تعرفونه، وفعل تعلمونه، ومد نتظرونها، و هي من مبعشي إلى حين ظهور هذا المنتظر، بقي له آربع مائة سنة. فاكتبوا بيني وبينكم مواصفة تتضمن كل ذلك وذكره، وعلى انكم تدفعون إلي الجزية طول تلك المدة التي ذكرتم ان المبعوث إليكم فيها يأتي غيري، فان كنت من جملة المخترصين الكذابين، فأنتم تكفون مؤونتي ويرجع إليكم الملك إذا ظهر من تنتظرونه . وإن لم يظهر ومدتي قائمة، وشريعتيه1 ماضية، وحكمي لازم، ولم يأتكم في هذه المدة من نتظرونه، فصاحب ملتي، والقائم بدعوتي، والإمام الذي يكون في ذ لك العصر ان يدعوكم إلى ما دعوتكم إليه اليوم. فإن اجبتموه وسلمتم
Halaman 478
============================================================
امره، ودخلتم في شريعتي وطاعته، فقد سلمتم وسلمتم. وإن ابيتم عليه كما ابيتم علي وصددتم عنه واستكبرتم، فله ان يأخذكم بالشرط اذي شرطتموه على أنفسكم ويقابلكم. فإن قاتلتموه قتلكم13 ، ولا يقبل لكم عذرا، ويستبيح ملتكم، ويهدم شريعتكم بهدمه لبيعكم، ويعطل كتبكم، ويكون ما بقي لكم عذرا تحتجون به ولا محال تركنون إليه ولا إبليس تعولون عليه، وهو المنصور عليكم يقطع شأفتكم وشأفة كل الظالمين. فهذا نص المواصفة. أ هكذا هو؟ قالوا : نعم. قال أمير المؤمنين عليه السلام : والمواصفة لم تزل تنتقل من بعد صاحب الشريعة والملة من وصي سادق إلى إمام فاضل حتى وصلت إلي وهي عندي. فلم يكن له عليه السلام ان ينقض شرطا اسسه، وحكما بينه، وهو معروف وقت ان نشأ في الجاهلية محمد الأمين. فكيف ينقض ما انعم به عليكم ولم يجز لأحد من أئمة دينه وخلفاء شريعته ان ينقض ما امر به من قبل اقضاء المدة اتباعا وتسليما لحكمه؟ فلما وصل الأمر إلي وانقضت تلك السنون المذكورة في المواصفة في عضري، وعند تمامها آمري، اخذت منكم بحقه، ودعوتكم إلى شرطكم وشرطه، حسب ما تقتضيه الأمانة وحكم المعاهدة. أ كذلك بلغكم انه صفة الحال؟ قالوا: نعم كذلك كان. قال: فأي حجة بقيت لكم عليه وعلي بعدما اوضحناه؟ وأي أمر عديت فيه بزعمكم عليكم إذا كنت بشرطكم اخذتكم، وما كنتم نتظرونه اقمته عليكم؟ وقد اوسعتكم حلما وعدلا، إذ ابقيت نفوسكم على أجسامكم ونعمكم عليكم إمهالا، لتنتبهوا بعد الغفلة ، وتسلموا بعد المعاهدة فأي حجة لكم بعد ما وصفناه؟ وأي حق معكم بعد ما قلناه؟ وأي عذر يقوم لكم بعد ما شرحناه؟ قولوا واسألوا تجابوا و تنصفوا، ولا يكون لكم قولا ولا حجة.
Halaman 479
============================================================
فانصرفوا محجوجين، كاذبين نادمين، شاكين خائبين. فقال : ماذا تقولون؟ قالوا بأجمعهم : هذا والله كله حق وسدق، لا نشك فيه ولا نرتاب به. قد سمعنا لو فهمنا، و"لله الحجة البالغة" [149/6] رب العالمين، وصلى الله على نبيه وآله الطاهرين.
ام الكلام في هذا الفصل، وحسبنا الله ونعم الوكيل، والحمد لله وحده وبه استعين.
Halaman 480