أنصف، وجاء في المعارضة والخلاف، بأشياء استظرفتها غاية الاستظراف. وذلك أنه وجد أبياتا أفسدها ناسخ الديوان، بالزيادة والنقصان، فعادت مكسور الأوزان، ونبت العين عما فيها من الشين، فنبه عليها في طرر الكتاب، وبين فيها وجه الصواب. كأنه توهم - عفا الله عنه - أننا من الطائفة التي لا تقيم الشعر، ولا تحسن شيئا من النظم والنثر.
وكذلك وجد خطأ من الناسخ في بعض الأحرف، فظنه من قبل المؤلف المصنف، فتفضل بأن نبه عليه في طرر الكتاب، فحصلنا عنده في مرتبة من لا يقيم وزن الشعر ولا يحسن الإعراب. ولولا أن يظن بنا هذا الرجل - وفقه الله - عجزا من الانتصاف والانتصار، كما توهم علينا الجهل بالإعراب وكسر الأشعار، لصمتنا عن مراجعته صمت الرخم، ولم نتشاغل يتصرف لسان في مجاوبة ولا قلم. ولكن سوء معاملته أحوج إلى الكلام، ولو ترك القطا ليلا لنام، وقد الله تعالى: ﴿وعسى أن تكرهوا سيئا وهو خير لكم﴾ [البقرة ٢: ٢١٦] ثم قال أبو الطيب:
(رب أمر أتاك لا تحمد الفعـ ... ـعال فيه ونحمد الأفعال)
(وقسى رميت عنها فردت ... في نحور الرماة عنها النصالا)
فأول ما نقوله لهذا الرجل - وفقنا الله وإياه-: إن كان ما يجري مجرى السهو ويعد من اللغو، يحسب من الذنوب، ويعتد به في العيوب، فقد كتبت بخطك في معارضتك إيانا أشياء صحفت فيها وحرفت، وكسرت صحيح الوزن، ولحنت أقبح لحن، فنحن نتوخى فيها معك مناقشة الحساب، ونعاتبك أشد ما يكون من العتاب:
1 / 38