وأسس مدارس كثيرة حتى اشتهر ذكره في الآفاق، وقصده الملوك لمشاهدته احترامًا له، والعلماء للأخذ عنه، وعلى منوال طريقته نسجت علماء التربية في عصرنا هذا.
أما روسو الفرنساوي فكان مولده بمدينة جنيف في أواخر القرن الماضي الميلادي، وكان فيلسوفًا شهيرًا اشتغل أولًا بعلم التربية، ثم تبحر في الفلسفة العامة حتى تشتتت لديه مقاصدها، ومن أخباره أن أكاديمية الفنون بباريس وقتئذ عرضت سؤالًا على العلماء طالبة الجواب عنه، وجعلوا لذلك جائزة، وهذا السؤال هو (تأثير التمدن في التربية)، مدعيًا أن الإنسان مفطور على الخير، وإنما التمدن يكسبه الرذائل إلى غير ذلك، وفي أواخر عمره ألف كتابًا باللغة الفرنساوية قال في مقدمته ما معناه: لقد أتيت فيه بما لم يأتِ به أحد قبلي، ولن يأتي أحد بمثله من بعدي فكان كما قال؛ وذلك أنه وصف ترجمة حياته وأعماله منذ نعومة أظفاره، وباح بسر ضميره وأخلاقه التي كان عليها سواء سيئها وحسنها.
هذا ولم يزل القطار يحل آفاقًا، ويقطع أقطارًا حتى أوصلنا إلى بحيرة يقال لها بودن زيه ومعناه بحيرة بودن فنزلنا بها