Surat-Surat Kedukaan: Dalam Falsafah Keindahan dan Cinta
رسائل الأحزان: في فلسفة الجمال والحب
Genre-genre
من يدك فما ذلك إلا أنها ملك مد إليك جناحه وأمكنك منه، ثم انفلت ليدع في يدك الريشة السماوية التي تصوره بها».
كذلك كانت تقول هي: «أنا لا أخشى غضبك فإن غضبك علي لا يكون إلا السحابة المطرزة بخيوط البرق تهبط في ألوانها مذهبة وتجلجل بأجراسها من بعيد؛ لأنها تحمل إليك ملك الوحي الذي لا ينزل عادة إلا في جو من البرق والرعد». •••
ما كثرت أمراض التأويل في شيء كثرتها في تعرف حقيقة الجمال؛ على أن هذه الحقيقة لا تستخرج إلا من الدم، فلو فتشت عنها السماء والأرض فلسفة لجئت فيها بملء السماء والأرض كلاما كذبا.
الجمال في حقيقته التي لا تختلف إنما هو معنى من المعاني الحبيبة يعلق بالنفس فيحدث فكرا متمكنا تتطاوع له هذه النفس العاشقة حتى ينطبع في أعصابها فيستولي على الإنسان كله بجزء من عقله؛ ومن ثم يتقيد المحب بقيد لا فكاك له؛ إذ لا يجد ما ينتزعه من عقله أو ينتزع عقله منه إلا أن يموت أو يجن، وهو من ذلك المعنى محتبس في قفل لو ضغطت عليه السموات والأرض لما تسنى ولا انكسر، وليس إلا الحبيبة وحدها هي فتحه وإغلاقه.
بهذا يكون الجمال على مقدار ما يحسن الإنسان أن يفهم منه، ثم على مقدار ما يؤثر من هذا الفهم، ثم على مقدار ما يثبت من هذا التأثير، وتلك هي درجاته الثلاث: فجمال تستحسنه، وآخر تعشقه، وجمال تجن به جنونا.
والأول تجود به الطبيعة في أشياء كثيرة، بل هو الأصل في الخلق، ولكنا لا نتنبه منه إلا لما نجد فيه روحا على القلب ورقة للنفس وترفيها لهما؛ وهذا الجمال خاضع للإنسان، ومن ثم فلا سلطان له إلا بعض الميل والرغبة في النفس، ومنه كل مناظر الطبيعة.
والثاني تعلو به الطبيعة عن هذه الطبقة وتنزله منزلة أعلاقها وذخائرها النفيسة، وتتسلط به على بعض النظام الإنساني كما تتسلط بهذا النظام على بعضه فيحب الإنسان ويسلو، ويمرض بالحب ثم يصنع بيده دواء مرضه ويشرب منه السلوان والعافية ... إذ هو بإزاء الجمال الذي يتسلط من ناحية ويخضع من ناحية تقابلها.
والثالث لا يجده من يجده إلا مرة واحدة كما أنه لا يموت إلا مرة واحدة، وهو من خوارق الطبيعة التي كل نظامها أن العقل لا يعرف لها نظاما؛ وما هو إلا أن يصوب الإنسان رأسه فإذا هو عند جنون الحب، وإذا هو بجنونه فوق العقل والمعقول.
فالمرأة في عين محبها المفتون أجمل من مسحت يد الله على وجهها من النساء فتركت الأثر الإلهي يتسلط في سحر عينيها، وطبعت المعنى الناري يتلهب في شعاع خديها، وأودعت روح الجنة أمانة بين شفتيها؛ ووصلت بين الرحمة والنفوس بذلك النور المتلألئ في ثغرها؛ وبين النقمة والقلوب بتلك النار المستعرة من هجرها، وأضافت إلى النواميس النافذة في الكون فتور عينيها وتنهدات صدرها.
ويراها المحب فما يحسب إلا أن قطعة من السماء قد صارت ثوبا لجسمها، وأن قدرا من الأقدار قد نشأ على الأرض وسمي باسمها؛ وإذا نظر إليها علم بدلالة وجهها أنها من القمر، وإذا نظرت هي إليه أعلمته بدلالة لحظها أنها من القدر.
Halaman tidak diketahui