132

Rasail

رسائل ابن حزم الأندلسي

Penyiasat

إحسان عباس

Penerbit

المؤسسة العربية للدراسات والنشر

Genre-genre

Fikah
Fiqh Zahiri
بسرعة شاهد المنع، وترعيد الحدقتين من وسط العينين نهي عام، وسائر ذلك لا يدرك إلا بالمشاهدة. واعلم أن العين تنوب عن الرسل، ويدرك بها المراد، والحواس الأربع أبواب إلى القلب ومنافذ نحو النفس، والعين أبلغها وأصحها دلالة وأوعارها (١) عملًا. وهي رائد النفس الصادق، ودليلها الهادي، ومرآتها المجلوة التي بها تقف على الحقائق وتميز الصفات وتفهم المحسوسات. وقد قيل: ليس المخبر كالمعاين، وقد ذكر ذلك افليمون (٢) صاحب الفراسة وجعلها معتمدة في الحكم. وبحسبك من قوة إدراك العين أنها إذا لاقى شعاعها شيئًا ما (٣) مجلوًا صافيًا، إما حديدًا مصقولًا (٤) أو زجاجًا أو ماء أو بعض الحجارة الصافية أو سائر الأشياء المجلوة البراقة ذوات الرفيف والبصيص واللمعان يتصل أقصى حدوده بجسم كثيف ساتر مناع كدر، انعكس شعاعها فأدرك الناظر نفسه ومازها عيانًا. وهو الذي ترى في المرآة، فأنت حينئذ كالناظر إليك بعين غيرك. ودليل عيان على هذا انك تأخذ مرآتين كبيرتين فتمسك إحداهما بيمينك خلف رأسك والثانية بيسارك قبالة وجهك ثم تزويها قليلًا حتى يلتقيا بالمقابلة، فإنك ترى قفاك وكل ما وراءك، وذلك لانعكاس ضوء العين إلى ضوء المرآة التي خلفك، إذ لم تجد منفذًا في التي بين يديك، ولما لم يجد وراء

(١) برشيه: وأوفاها. (٢) افليمون (Philemon) صاحب الفراسة، انظر في امتحان قدرته على الفراسة ابن أبي أصيبعة ١: ٢٧، وذكره صاحب صوان الحكمة وأورد له قوله في العشق: هو مرض يحدث في الروح جالبه النظر ومسكنه القلب ومهيجه الفكر (صوان: ٢٤٥) وقال القفطي: فاضل كبير عالم في فن من فنون الطبيعة وكان معاصرًا لبقراط وأظنه شامي الدار، كان خبيرًا بالفراسة عالمًا بها وله في ذلك تصنيف مشهور خرج من اليونانية إلى العربية (تاريخ الحكماء: ٦٠) . (٣) هذه هي قراءة برشيه، وفي سائر القراءات: شعاعًا. (٤) في بعض الطبعات: مفصولًا.

1 / 137