Risalah-risalah Ikhwān aṣ-Ṣafā’ dan Sahabat-sahabat Kesetiaan

Ikhwan Safa d. 375 AH
66

Risalah-risalah Ikhwān aṣ-Ṣafā’ dan Sahabat-sahabat Kesetiaan

رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء

Genre-genre

واعلم يا أخي بأن هذه الأشياء المتشاكلة إذا جمع بينها على النسبة التأليفية ائتلفت وتضاعفت قواها، وظهرت أفعالها، وغلبت أضدادها، وقهرت ما يخالفها، وبمعرفتها استخرجت الحكماء الأدوية المبرئة من الأمراض، الشافية للأسقام مثل الترياقات والمراهم والشرابات المعروفة بين الأطباء، الموصوفة في كتبهم.

وعلى مثل ذلك عمل أصحاب الطلسمات بعد معرفتهم بطبائع الأشياء وخواصها ومشاكلتها وكيفية تركيبها ونسب تأليفها، والمثال في ذلك الشكل المتسع في تسهيل الولادة إذا كتب فيه الأعداد التسعة في الشهر التاسع من الحمل في الساعة التاسعة من الطلق، ويكون رب الطالع في التاسع، أو رب التاسع في الطالع، أو يكون القمر التاسع أو متصلا بكوكب منه في التاسع، وما شاكل ذلك من المتسعات.

(12) فصل في الانتقال من طبقات الألحان

واعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن الله - جل جلاله - جعل بواجب حكمته لكل جنس من الموجودات حاسة مختصة بإدراكها، وقوة من قوى النفس تنالها بها وتعرفها بطريقها، لا تنال بطريقة أخرى، وجعل أيضا في جبلة كل حاسة دراكة أو قوة علامة أن تستلذ من إدراك محسوساتها، وتتشوق إليها إذا فقدتها وملت منها إذا دامت عليها وتستروح إلى غيرها من أبناء جنسها، مثل ما هو معروف بين الناس في مأكولاتهم ومشروباتهم وملبوساتهم ومشموماتهم ومبصراتهم ومسموعاتهم، فالموسيقار الحاذق الفاره هو الذي إذا علم بأن المستمعين قد ملوا من لحن غنى لهم لحنا آخر، إما مضادا له أو مشاكلا له.

واعلم يا أخي أن الخروج من لحن إلى لحن، والانتقال منه ليس له طريق إلا على أحد الوجهين، إما أن يقطع ويسكت ويصلح الدساتين والأوتار بالحزق والإرخاء ويبتدئ ويستأنف لحنا آخر أو يترك الأمر بحاله ويخرج من ذلك اللحن إلى لحن آخر قريب منه مشاكل له، وهو أن ينتقل من الثقيل إلى خفيفه، أو من الخفيف إلى ثقيله أو إلى ما قارب منه، والمثال في ذلك أنه إذا أراد أن ينتقل من خفيف الرمل إلى الماخوري أن يقف عند النقرتين الأخيرتين من ثقيل الرمل ثم يتلوهما بنقرة، ثم يقف وقفة خفيفة، ثم يبتدئ بالماخوري.

ومن حذق الموسيقار أيضا أن يكسو الأشعار المفرحة الألحان المشاكلة لها، مثل الأرمال والأهزاج، وما كان منها من المديح في معاني المجد والجود والكرم أن يكسوها من الألحان المشاكلة لها مثل الثقيل الأول والثاني، وما كان في المديح من معاني الشجاعة والإقدام والنشاط والحركة أن يكسوها من الألحان مثل الماخوري والخفيف وما يشاكلها.

ومن حذق الموسيقار أيضا أن يستعمل الألحان المشاكلة للأزمان في الأحوال المشاكلة بعضها لبعض، وهو أن يبتدئ في مجالس الدعوات والولائم والشرب بالألحان التي تقوم الأخلاق والجود والكرم والسخاء، مثل ثقيل الأول وما شاكلها، ثم يتبعها بالألحان المفرحة المطربة، مثل الهزج والرمل، وعند الرقص والدستبند الماخوري وما شاكله، وفي آخر المجلس إن خاف من السكارى الشغب والعربدة والخصومة أن يستعمل الألحان الملينة المنومة الحزينة.

(13) فصل في نوادر الفلاسفة في الموسيقى

يقال: إنه اجتمعت جماعة من الحكماء والفلاسفة في دعوة ملك من الملوك فأمر أن يكتب كل ما يتكلمون به من الحكمة، فلما غنى الموسيقار لحنا مطربا، قال أحد الحكماء: إن للغناء فضيلة يتعذر على المنطق إظهارها، ولم يقدر على إخراجها بالعبارة فأخرجها النفس لحنا موزونا، فلما سمعتها الطبيعة استلذتها وفرحت وسرت بها، فاسمعوا من النفس حديثها ومناجاتها ودعوا الطبيعة والتأمل لزينتها لا تغرنكم، وقال آخر: احذروا عند استماع الموسيقى أن تثور بكم شهوات النفس البهيمية نحو زينة الطبيعة فتميل بكم عن سنن الهدى وتصدكم عن مناجاة النفس العليا.

وقال آخر للموسيقار: حرك النفس نحو قواها الشريفة من الحلم والجود والشجاعة والعدل والكرم والرأفة، ودع الطبيعة لا تحرك شهواتها البهيمية.

Halaman tidak diketahui