Risalah-risalah Ikhwān aṣ-Ṣafā’ dan Sahabat-sahabat Kesetiaan

Ikhwan Safa d. 375 AH
61

Risalah-risalah Ikhwān aṣ-Ṣafā’ dan Sahabat-sahabat Kesetiaan

رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء

Genre-genre

(8) فصل في أن إحكام الكلام صنعة من الصنائع

ومن المصنوعات المحكمة المتقنة أيضا صنعة الكلام والأقاويل، وذلك أن أحكم الكلام ما كان أبين وأبلغ، وأتقن البلاغات ما كان أفصح، وأحسن الفصاحة ما كان موزونا مقفى، وألذ الموزونات من الأشعار ما كان غير منزحف، والذي غير منزحف من الأشعار هو الذي حروفه الساكنة وأزمانها مناسبة لحروف متحركاتها وأزمانها، والمثال في ذلك: الطويل والمديد والبسيط؛ فإن كل واحد منها مركب من ثمانية مقاطع، وهي هذه: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن.

وهذه الثمانية مركبة من اثني عشر سببا وثمانية أوتاد؛ جملتها ثمانية وأربعون حرفا، عشرون منها سواكن، وثمانية وعشرون حرفا متحركات، والمصراع منه أربعة وعشرون حرفا، عشرة سواكن وأربعة عشر متحركات، ونصف المصراع الذي هو ربع البيت اثنا عشر حرفا، خمسة منها سواكن وسبعة متحركات، ونسبة سواكن حروف ربعه إلى متحركاته كنسبة سواكن حروف نصفه إلى متحركاته وكنسبة سواكن حروفه كلها إلى متحركاته كلها.

وهكذا تجد حكم الوافر والكامل، فإن كل واحد منهما مركب من ستة مقاطع، وهي هذه: مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن ست مرات، ونسبة سواكن حروف ثلث البيت إلى حروف متحركاته كنسبة حروف سواكن نصفه إلى متحركاته، وكنسبة سواكن كله إلى متحركات كله، وعلى هذا المثال والحكم يوجد كل بيت من الأشعار إذا سلم من الزحاف منصفا كان أو مربعا أو مسدسا، وكذلك حكم الأزمان التي بينها، وهذه صورتها: فعولن مفاعيلن «ه ه ا ه ا ه ه ا ه اه ا» الهاءات علامة المتحركات والألفات علامة السواكن.

فقد تبين بهذا المثال أيضا أن أحكم المصنوعات وأتقن المركبات ما كان تأليف أجزائه وأساس بنيته على النسبة الأفضل، ومن أمثال ذلك أيضا صناعة الكتابة التي هي أشرف الصنائع، وبها يفتخر الوزراء والكتاب وأهل الأدب في مجالس الملوك، مع كثرة أنواعها وفنون فروعها، وذلك أن لكل أمة من الأمم كتابة غير ما للأخرى، كالعربية والفارسية والسريانية والقبطية والعبرانية واليونانية والهندية وما شاكلها، لا يحصي عددها إلا الله - عز وجل - الذي خلقهم مع اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأخلاقهم وطبائعهم وصناعاتهم وعلومهم ومعارفهم؛ كل ذلك لسعة علمه ونفاذ مشيئته وإتقان حكمته - سبحانه وتعالى.

ونريد أن نذكر في هذا الفصل أصل الحروف وكيفية ترتيبها وكمية مقاديرها ونسب تأليفها الفاضلة بينها، فنقول: إن أصل حروف الكتابات كلها في أي لغة وضعت، ولأي أمة كانت، وبأي أقلام كتبت وخطت، أو بأي نقش صورت، وإن كثرت فإن أصلها كلها هو الخط المستقيم الذي هو قطر الدائرة، والخط المقوس الذي هو محيط الدائرة، فأما سائر الحروف فمركبة منهما ومؤلفة، كما بينا في رسالة الجومطريا شبه المدخل إلى صناعة الهندسة، ونبين مثالا لما ذكرنا من الحروف التي في الكتابة العربية؛ ليكون دليلا على صحة ما قلنا وحقيقة ما وصفنا، من أن أصل الحروف كلها هو الخط المستقيم والخط المقوس اللذان أحدهما قطر الدائرة والآخر محيطها، وهي هذه: أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن ه و لا ي.

فانظر الآن واعتبر وتأمل يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه؛ فإنك تجد هذه الحروف بعضها خطا مستقيما مثل هذا: أ ب ت ث، وبعضها مقوسا مثل هذا: د ذ ر ز، وبعضها مركبا منهما مثل سائر الحروف، وعلى هذا المثال والقياس توجد حروف كتابات سائر الأمم مثل الهندية، فإنها هكذا: 1 2 3 4 5 6 7 8 9، وكذلك السريانية والعبرانية واليونانية والرومية، فإن لكل منها اصطلاحا في أشكال الحروف وصورها لا يخرج عما قلنا.

وإذ قد تبين بما ذكرنا أن أصل الحروف والكتابات كلها هو الخط المستقيم الذي هو قطر الدائرة، والخط المقوس الذي هو محيطها؛ فنريد أن نبين أيضا أن أجود الخطوط وأصح الكتابات وأحسن المؤلفات ما كان مقادير حروفها بعضها من بعض على النسبة الأفضل، فلنذكر أولا ما قاله أهل هذه الصناعة، أعني: صناعة الكتابة؛ ليكون أقوى وأصح للحجة وأوضح للبيان وأرشد إلى القياس والقانون.

قال المحرر الحاذق المهندس: ينبغي لمن يريد أن يكون خطه جيدا وكتابته صحيحة أن يجعل لها أصلا يبني عليه حروفه وقانونا يقيس عليه خطوطه، والمثال في ذلك في كتابة العربية هو أن يخط الألف أولا بأي قدر شاء ويجعل غلظه مناسبا لطوله، وهو الثمن وأسفله أدق من أعلاه، ثم يجعل الألف قطر الدائرة، ثم يبني سائر الحروف مناسبا لطول الألف ولمحيط الدائرة التي الألف مساو لقطرها، وهو أن يجعل الباء والتاء والثاء كل واحد منها طوله مساو لطول الألف، وتكون رءوسها إلى فوق الثمن مثل هذا: أ ب ت ث، ثم يجعل الجيم والحاء والخاء كل واحد منها مدته من فوق نصف الألف، وتقويسه إلى أسفل نصف محيط الدائرة التي الألف مساو لقطرها مثل هذا: ج ح خ.

ثم يجعل الدال والذال كل واحد منهما مثل طول الألف إذا قوس؛ مثل هذا: د ذ، ثم يجعل الراء والزاي كل واحد منهما كمثل ربع محيط الدائرة التي الألف قطرها، ثم يجعل السين والشين كل واحد منهما رءوسها إلى فوق ثمن الألف، ومدتها إلى أسفل نصف محيط الدائرة مثل هذا: س ش، ثم يجعل الصاد والضاد مدة طول كل واحد منهما إلى قدام مثل طول الألف وفتحتها مثل ثمن الألف ومدتها إلى أسفل مثل نصف الدائرة المقدم ذكرها مثل هذا: ص ض؛ ويجعل الطاء والظاء كل واحد منهما طوله مثل طول الألف وفتحتها مثل ثمن الألف، ورءوسها إلى فوق بطول الألف مثل هذا: ط ظ، ثم يجعل العين والغين كل واحد منهما تقويسه من فوق ربع محيط تلك الدائرة وتقويسه من أسفل نصف محيطها، مثل هذا: ع غ.

Halaman tidak diketahui